علاء فاروق

أثارت بعض الأنباء الواردة بخصوص مقترح ليبي بتشكيل حكومة انتخابات ولجنة حوار وطني جديدة برعاية مصرية بعض التساؤلات حول واقعية الطرح ودقته وقبول الأطراف الحالية له.

وأشارت بعض الأنباء إلى أن المقترح، الذي لم يعلن عنه رسميا حتى الآن، يشمل تشكيل حكومة تكون مهمتها إنجاز الانتخابات فقط، وتنتهي بانتهاء العملية الانتخابية وكذلك تشكيل لجنة حوار وطني مكونة من أعضاء في البرلمان وأعضاء في مجلس الدولة وشخصيات سياسية ومكونات اجتماعية أخرى لوضع قاعدة انتخابية.

وتواصلت عربي21مع المتحدث باسم مجلس النواب الليبي للتعليق على الأمر وتأكيده أو نفيه إلا أنها لم تتلق أي رد.

مقترح مطروح بقوة

من جهته، قال عضو لجنة إعداد القاعدة الدستورية بمجلس الدولة في ليبيا، محمد الهادي إن هذا الطرح موجود ومطروح بقوة ويشمل تشكيل ملتقى حوار وطني من أعضاء في المجلسين ومجموعة من الفاعلين السياسيين والمكونات الاجتماعية لوضع تصور لقاعدة انتخابية“.

وأكد في تصريحات لـعربي21″ أن إرهاصات هذا الطرح ستكون اجتماعات بين أعضاء في البرلمان وآخرين من مجلس الدولة في مدينة سرت في الأيام القادمة، خاصة أن الكثير من أعضاء مجلس الدولة يرون أن تغيير المؤسسات الحالية ستكون نتائجه أسوأ مما عليه الآن والأفضل إجراء الانتخابات وفق قاعدة دستورية يتوافق عليها المجلسان تجنبا لأي صدامات سياسية أو حتى عسكرية، وفق قوله.

وأضاف: “والحقيقة تغيير الحكومة قد يعد مقبولاً في الشارع حتى لدى بعض التشكيلات المسلحة لكن تغيير بعض المناصب السيادية خاصة محافظ المصرف المركزي مرفوضة بقوة، مشيرا إلى أن هجوم الدبيبة على مجلسي النواب والدولة جاء كرد فعل على تقارب عقيلة والمشري ولقاء الطرفين في القاهرة أو ليبيا، كما رأى.

تناغم مع عقيلة والمشري

في حين قال الكاتب والأكاديمي الليبي، عماد الهصك إن هذا المقترح لا زال مجرد تسريبات لم تصدر من مصدر مسؤول لا من الحكومة المصرية ولا من السلطات الليبية، ولكن هذه التسريبات ليست مستبعدة؛ لأنها تتناغم على نحو ما مع تحركات عقيلة والمشري اللذين اتفقا على استحالة إجراء الانتخابات في ظل حكومة الدبيبة“.

وأوضح في تصريحه لـعربي21أن الطرفين يضغطان بكل قوة باتجاه إقالة حكومة الدبيبة، واستبدالها بحكومة أخرى، وإعادة تعيين من يتولى المناصب السيادية، وأعتقد أن من الواقعية السياسية السير في هذا الاتجاه؛ لأن حكومة الدبيبة لن تستطيع إجراء الانتخابات فهي لا تسيطر إلا على طرابلس وضواحيها فحتى لو افترضنا جدلًا أن الدبيبة يريد إجراء الانتخابات فهو لا يستطيع إجراءها، وفق تقديره.

وبخصوص هجوم الدبيبة على المجلسين، قال الهصك: “الدبيبة لا يترك اجتماعًا يضم عقيلة والمشري إلا ويهاجمه ويتهمهما بعرقلة الانتخابات؛ لأنه يرى في اتفاقهما تهديدًا لبقاء حكومته، وفي ظل الانقسام لن تجرى الانتخابات، لذا لا بد من تشكيل حكومة توافقية تبسط سيطرتها على التراب الليبي لتتمكن من إقامة الانتخابات بشكل يضمن سلامتها وقبول نتائجها، كما قال.

كسر الجمود السياسي

المرشح للانتخابات البرلمانية في ليبيا، السنوسي إسماعيل الشريف قال إنه من ضمن احتمالات كسر الجمود السياسي هو تشكيل ملتقى حوار جديد بأعضاء من مجلسي النواب والدولة يضاف لهما ممثلون عن أطراف سياسية واجتماعية وعسكرية فاعلة بأقل عدد ممكن“.

وأضاف: “هذا قد يعزز فرصة إنجاز تسوية سياسية يتم بموجبها التوافق على المسار التنفيذي بتوحيد السلطة التنفيذية وتوحيد مجالس إدارات المؤسسات السيادية والمسار الدستوري بالتوافق على قاعدة دستورية وتحديد موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية، بحسب كلامه لـعربي21″.

وتابع: “رفض رئيس حكومة الوحدة الوطنية المسبق لأي اتفاق بين رئيسي المجلسين هو تكرار لمواقف الدبيبة من أي تكليفات لحكومة جديدة وإصراره على أن تشرف حكومته على أي استحقاق انتخابي، كما رأى.

.

.

.

.

***********

الانتخابات رهينة حفتر

أسامة علي

أعوام مرّت من دون أن تتمكن الأجسام التشريعية في ليبيا من إنجاز إطار دستوري لإجراء انتخابات في البلاد، سواء كانت برلمانية أو رئاسية، لكن تلك الأجسام لديها إمكانية للتقارب والتوافق لحسم ملفات أخرى لا تقلّ صعوبة، كملف المناصب السياسية أو السلطة التنفيذية.

مرّت خمس سنوات على انتهاء الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور من تسليم مسوّدة الدستور الدائم إلى مجلس النواب، من دون أن يتمكن الأخير من طرحه للاستفتاء عليه.

ولتجاوز هذه العقبة، شكّلت الأمم المتحدة مساراً دستورياً لخلق قاعدة دستورية مؤقتة تُجرى على أساسها الانتخابات، ويؤجل النظر في مسوّدة الدستور إلى حين، لكنها فشلت منتصف العام الماضي. ثم شكّل مجلسا النواب والدولة لجنة دستورية مشتركة، عقدت جولات عدة في القاهرة منتصف العام الحالي وفشلت هي الأخرى.

على مدار تلك الجهود لخلق إطار دستوري للانتخابات، كانت الأسباب تدور حول خلافات غير ظاهرة بين الأطراف، يتعلق بعضها ببنود لإقصاء خصوم، كما في قوانين الانتخابات التي أصدرها مجلس النواب بشكل أحادي.

لكن فشل مفاوضات اللجنة الدستورية المشتركة في القاهرة، كشف عن الأسباب الحقيقية للخلافات، وإن كانت معروفة من قبل لكنها كانت مكتومة، وتتعلق بشروط الترشح الخاصة بالعسكريين ومزدوجي الجنسية.

فقد تم الاتفاق على كلّ بنود القاعدة الدستورية باستثناء ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، ما يعني أن الأزمة الدستورية في البلاد كانت طيلة السنوات الماضية تتمحور حول اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وأن من يقف وراء الأزمة إجمالاً وتفصيلاً، هو الشخصية العسكرية المختلف حولها، المرفوضة من قِبل أطراف، ومقبولة من أطراف أخرى.

في آخر مستجدات الأزمة، صرّح رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، أخيراً في القاهرة، بأن توافقاً قريباً سيحدث قبل نهاية العام الحالي. ويتعلق ذلك بتقاربه مع رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، بشأن المناصب السياسية والسلطة التنفيذية،

لكنه عقّب بأن المسار الدستوري لا يزال شائكاً، وأن القاعدة الدستورية سيتم تداولها أيضاً في لقاءات مرتقبة مع المشري، من دون أن يشير إلى حسمها.

غنيّ عن البيان أن مختلف الأطراف لا ترغب في إجراء انتخابات يمكن أن تقصيها من المشهد، فجميعها لا يمكنها ضمان مرورها إلى المرحلة السياسية المقبلة عبر الانتخابات، وبالتالي فعدم الاتفاق على إطار دستوري للانتخابات يخدم مصالح السياسيين الحاليين في البقاء أطول مدة في المشهد. وتوافقهم ممكن إذا اتفقت مصالحهم، كما يحدث الآن في ملف المناصب السياسية، والاتفاق ممكن أيضاً في ملف السلطة التنفيذية.

لكن الإطار الدستوري، سواء كان قاعدة مؤقتة أو دستوراً دائماً، لن يتم بوجود حفتر كما أثبتت المراحل السابقة. فإلى متى سيستمر رهن مصير بلاد بأكملها بمصير رجل بات الجميع يعلم أنه مجرم حرب، خصوصاً بعدما انكشف أن البنود الوحيدة المعرقلة لإنجاز القاعدة الدستورية تتعلق به؟

____________

مواد ذات علاقة