عبدالمجيد مناصرة

أولا: التعريف والأهمية

المقصود بالعمل البرلماني هو العمل السياسي الذي يقوم به البرلمانيون: مستقلون ومحزبون، فرادى ومجموعات، لجان ومجالس، هيئات رسمية وغير رسمية بصفتهم ممثلين عن الشعب، وفي إطار مهامهم الدستورية وصلاحياتهم القانونية ورسالتهم الحضارية وأدوارهم السياسية ومسؤولياتهم الاجتماعية.

الجميع يدرك أهمية البرلمان في الحكم الديمقراطي وما يمثله من توازن مقابلر السلطة التنفيذية في إرساء دعائم الديمقراطية وتقوية أركان الدولة. وأهمية العمل البرلماني تكمن أيضا في تمثيل صوت الناخبين من أجل منع احتكار السلطة بين أيدي الحكومة ودوره في ممارسة الرقابة على أعمال الحكومة وإدارتها و في محاربة الفساد وضمان مصالح الشعب وحسن تمثيله.

ويشمل العمل البرلماني الجوانب التالية:

ـ سن التشريعات

ـ الرقابة على الحكومة

ـ الدفاع على مصالح الناخبين

ـ الدبلوماسية البرلمانية

ـ التواصل السياسي

ـ الحوار والتنسيق

ـ المشاركة في المبادرات الوطنية والدولية.

فالعمل البرلماني ينتزع احترامه في ساحات العمل السياسي وبناء الدولة من كونه عمل تمثيلي متمحور حول المواطنين.

والبرلمانيون يوجدون من هذه الناحية في موقف متفرد باعتبارهم ينتمون إلى مؤسسة سياسية عليا وهيئة دستورية شرعية وسلطة منتخبة وغرفة تشريعية، والشعب يحتل صلب عملهم باعتباره مصدر السلطة ومحور التشريعات، ولكنهم في نفس الوقت اكثرهم تعرضا للنقد ويحمّلون في الغالب مسؤوليات غيرهم ويحاسبون على أخطاء المؤسسات والإدارات الأخرى.

ثانيا: مصدر التحديات

يواجه العمل البرلماني تحديات كثيرة وقبل التعرض لبعضها وربما أهمها أولى بنا أن نحدد قبل ذلك من أين تأتي هذه التحديات؟

إن أغلب التحديات القائمة أمام العمل البرلماني تتوالد من المصادر التالية:

1ـ واقع الأمة الاسلامية:

إن واقع أمتنا لا يليق بمكانتها وتاريخها ورسالتها فهو مرسوم بالإنقسامات والفرقة والتخلف والأمية والحروب الداخلية والعنف الدموي وبهذا فهي مستهدفة من أعدائها محتلّة بعض أراضيها وخاصة بيت المقدس وفلسطين، وخيراتها مستغلة وشعوبها مقهورة، وفي بعض الحالات كثيرة تستقبل سجونها الصالحين والإصلاحيين وبالمقابل تستقبل قصور حكامها الصهاينة الأعداء.

ومن هنا تتولد التحديات التي تواجه أي إرادة ناهضة وراغبة في التغيير والإصلاح.

فالبرلمانيون يعملون في هذا الواقع وتقع على عاتقهم مع الأطراف الأخرى مسؤولية تغيير هذا الواقع، وإصلاحه لتستقيم مع تعاليم رسالة الإسلام ويوفر مقاما رياديا للأمة.

وكما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم واصفا حال أمتنا: “يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها“.

2ـ طبيعة الأنظمة الحاكمة:

إن جل الأنظمة الحاكمة في الدول العربية والإسلامية مطعون في شرعيتها من جانب من الجوانب على الأقل وأغلبها مع ذلك يجعل من الديمقراطية عنوانا لحكمه .. ولكنه يطبقها بالطريقة التي تفيده ولا تنتج تغييرا ويظل هو مستمرا في الحكم، ديمقراطية تحت السيطرة وليس فيها مفاجآت، ويفضل كسب تزكية القوى الدولية له على كسب ثقة الشعب الذي يحكمه.

أنظمة حاكمة لا تغيرها الانتخابات ولا تحاسبها المؤسسات ولا تراجع عليها المراجع، فقط توفر بعض الهوامش تزيد وتنقص للعمل والاختيار والمعارضة.

ومن هنا تتولد جملة أخرى من التحديات تواجه العمل البرلماني تقيّد حدوده وصلاحياته وتنزل من سقف طموحاته وتمنع التوصل إلى التغيير الحقيقي والإصلاح المنشود في ظل تزايد مطالب المواطنين وتغيّرها وإلحاحها.

3ـ نوعية المهمة البرلمانية:

فهم الشعب وعموم الناخبين المهمة البرلمانية ليس دائما صحيحا إذ ينظر البعض للبرلمان على أنه وسيط للقيام بخدمات لصالح الناخبين وغالبا ما يحاسب البرلمانيون وغالبا ما يحاسب البرلمانيون على الواقع الذي تصنعه الإدارة الحاكمة والسلطة التنفيذية وليس البرلمانيون ومجلسهم.

وتشارك في الأغلب الأنظمة الحاكمة بإعلامها في التشويش على المهمة البرلمانية لتشويه العمل البرلماني وإلصاق العجز والفشل به لتبرئة ساحتها والتنفيس على الشعب في توجيه معارضته للبرلمانيين وإدائهم.

وقد يغيب حتى عند بعض البرلمانيين فهم جهوهر المهمة البرلمانية في جعل القانون أداة لإصلاح الأوضاع وتغييرها والرقابة أداة إنتصار للمبادئ الدستورية والمصالح العامة، فيقعون بذلك في لعبة الجمهور.

ومن هنا تتولد تحديات أخرى تزيد من ثقل المسؤولية الملقاة على عاتق العمل البرلماني الذي يحتاج رواده إلى المزيد من المثابرة والصبر.

4ـ حساسية المرحلة الراهنة:

المرحلة الراهنة تتسم بالضعف الكبير والإستهداف الصارخ للإتجاهات الإسلامية إلى درجة تمكنت

فيها بعض الدول من تصنيف الأحزاب الإسلامية الديمقراطية في خانة الإرهاب وتصوير المعارضة بكل الصفات المشينة من خيانة وعمالة.

وحساسية المرحلة ازدادت بعد الثورات المضادة، فيعمل البعض على بناء ديمقراطية بدون إسلاميين .. أنفقت بعض الأنظمة بسخاء كبير وقد تدخلت في شؤون أخرى من أجل إفشال المرشحين الإسلاميين الذين توفر ديمقراطية بلادهم هامشا من المنافسة.

ومن هنا تتولد جملة من التحديات تواجه العمل البرلماني الإسلامي وهو لذلك في حاجة إلى حكمة وذكاء .. وتكيف ومرونة.

5ـ خصوصية الرسالة الإسلامية:

البرلمانيون الإسلاميون الذين ينطلقون في أعمالهم من منطلقات إسلامية ويحتكمون إلى تعاليم دينهم ويجتهدون ويجدون لتحقيق ما تطلبه منهم رسالة الإسلام لمصلحة شعبهم ووطنهم ودولتهم، يجدون أنفسهم في مواجهة تحديات إضافية، فهم ينتمون إلى خير أمة أخرجت للناس وقد نفروا إلى هذه المهمة النيابية عن شعوب أمتهم.

قد رشحوك لأمر لو فَطنتَ له فأربأ بنفسك أن ترعىَ مع الهمل

يتبع

___________

المنتدى العالمي للبرلمانيين الإسلاميين

مواد ذات علاقة