عبدالله الكبير

عقدت لجنة 6+6 أول اجتماعاتها بطرابلس، معلنة بذلك عن استجابة رئيسي مجلس النواب والدولة للحراك الدولي، الذي طالما دعاهما إلى سرعة وضع الأساس الدستوري للانتخابات، مهددا باللجوء إلى بدائلفي حالة استمرار المماطلة وعدم الإنجاز.

 من المؤكد أن هذا التهديد، الذي نقله سفراء غربيون إلى رئيسي المجلسين، قبل أن يعلنه المبعوث الأممي عبدالله باتيلي في إحاطته أمام مجلس الأمن، هو العامل الأهم في استجابة رئيسي مجلسي النواب والدولة، فضلا عن استعداد الأمم المتحدة والدول الغربية لقبول كل مايتوصل إليه المجلسان، ويحرز تقدما نحو الانتخابات، حتى مع عدم سلامة الإجراءات القانونية.

فالمبعوث الأممي لم يهتم بالمخالفات الدستورية في إجراءات صدور التعديل الثالث عشر، والطعون المقدمة أمام الدائرة الدستورية تأسيسا على هذه المخالفات، ولم يهتم أو يعلق على ما تسلمه من بيانات رافضة لتمرير هذا التعديل في المجلس الأعلى للدولة.

قلة الإكتراث الدولي بالمعترضين، تعني وجود توجه دولي للمضي في دفع المجلسين إلى إكمال المسار الدستوري، وفي مرحلة لاحقة يمكن معالجة مخاوف المعترضين عبر اللجنة التوجيهية التي سيشكلها باتيلي.

في ذكرى عدوان حفتر وعصاباته على طرابلس، ظهر المبعوث الأممي على مائدة إفطار حفتر صحبة عقيلة صالح، وانتشرت عدة صور بها قدر رفيع من الحميمية لهذا اللقاء.

وقد رأى ضحايا العدوان في هذا الظهور استفزازا من المبعوث الأممي، الذي كان يتعين عليه احترام هذه الذكرى، باصدار بيان يذكر بما سببه العدوان من مآسي، معلنا تضامن الأمم المتحدة مع الضحايا، لا الظهور مع المجرم المتسبب فيها.

لا نعرف هل انتبه السيد عبدالله باتيلي لتاريخ 4 أبريل، وما يمثله في ذاكرة الليبيين، أم أنه يتعامل مع جدول صارم يرتب لقاءاته وأسفاره، من دون اعتبار للجوانب الرمزية في التواريخ.

فالعدوان في 4/4 نال من الأمم المتحدة وهيبتها أيضا، لأنه وقع والأمين العام للأمم المتحدة كان في طرابلس لتقديم الدعم لملتقى غدامس للسلام.

باتيلي بات على دراية تامة بالخريطة السياسية، والقوى الاكثر تأثيرا في الحراك السياسي الليبي، وهو يتحرك على هدى هذه الخريطة، فيمنح قدرا ووزنا لقيادات الشرق أكثر من قيادات الغرب، لأنها تملك سلطة شبه مطلقة بلا معارضة تذكر.

ومن ثم لا مجال أمامه للمناروة، ولا تشكل الانتخابات هاجسا لهذه القيادات، فإما أن تجرى بضمانات احتفاظهما بما بين أيديهما من سلطات، أو لن تكون.

وهذا يحتم عليه السعي لنيل رضا هذه القيادات إذا أراد النجاح لمشروعه.

وهذا غير متاح في الغرب، إذ تتوحد قوى سياسية عديدة داعمة للانتخابات، وتعارض أي محاولة لاجهاضها، وتملك أدوات الضغط، للحد من استمرار رئيس مجلس الدولة والكتلة الداعمة له في المجلس، تقديم التنازلات لرئيس مجلس النواب، من أجل الاستمرار في المشهد، عبر تفصيل قوانين انتخابية تفتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية من دون ضوابط.

الوقت يمضي بطيئا على المتلهفين لإجراء الانتخابات، ولكنه يتسارع أمام النخب السلطوية المكرهة على الاعداد لها، والاستعداد إلى الاحتكام إليها، لكي يتسنى إجراءها قبل نهاية العام الحالي.
رغم الضغط الدولي، واحتمالات تدخل بعض الأطراف للتأثير عليها.

لا يُتوقع أن تتوصل لجنة 6+6 إلى قانون انتخابات مقبول من كل الأطراف، خاصة مع تخلي رئيس مجلس النواب عن تعهداته لرئيس مجلس الدولة في بيان مشترك، بعدم تنفيذ قانون إنشاء محكمة دستورية، ونشره في الجريدة الرسمية لمجلس النواب.

ومن ثم لا مناص من حل ترعاه الأمم المتحدة، لا يمنح إلا قدرا محدودا من الصلاحيات لمجلسي النواب والدولة، أو اللجان المنبثقة عنهما.

_____________

مواد ذات علاقة