أبدى المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي خلال إحاطة له أمام مجلس الأمن ارتياحه للتقدم الجاري على أكثر من مستوى للتوصل إلى توافق بشأن إنهاء الأزمة الليبية وإجراء انتخابات، على عكس الإحاطة السابقة للدبلوماسي السنغالي التي طغى عليها التشاؤم، ولم تخل من تهديد الفرقاء الليبيين.

طرابلس أعربت الأمم المتحدة عن تفاؤلها بإمكانية التغلب على الأزمة التي تشهدها ليبيا، وإجراء الانتخابات خلال العام الجاري، في ضوء التقدم الذي تحقق على صعيد توحيد المؤسسة العسكرية، وانطلاق عمل اللجنة 6+6 في تفكيك العقد القانونية لإجراء الاستحقاق.

في المقابل لا يبدو أن الليبيين يشاطرونها هذا التفاؤل لاسيما وأن فرص إجهاض جهود التوصل إلى تسوية بشأن النقاط القانونية العالقة بين مجلسي النواب والأعلى للدولة تبقى واردة بقوة، وقد يتحجج البعض بالتطور المستجد في علاقة بتمرير قانون المحكمة الدستورية العليا، والذي هو محل انقسام بين المجلسين.

وأعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا مساء الثلاثاء أن الليبيين أمام “فرصة تاريخية للتغلب” على الأزمة التي يغرق فيها بلدهم منذ 2011، معربا عن الأمل في تنظيم الاستحقاق الانتخابي هذا العام.

وقال السنغالي عبدالله باتيلي رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا خلال اجتماع لمجلس الأمن “سنحت فرصة تاريخية للتغلب على الأزمة المستمرة منذ عقد”.

ولم تخل مداخلة باتيلي في مجلس الأمن من الأمل في التقدم الذي تحقق على أكثر من مستوى، عكس إحاطته السابقة أمام المجلس في فبراير الماضي، والتي طغى عليها التشاؤم والتهديد بخارطة طريق جديدة.

وأوضح المبعوث الأممي أنه في الأسابيع الأخيرة “كانت هناك ديناميكية جديدة في ليبيا. جرت مشاورات مكثفة بين الجهات الأمنية، ويتخذ المسؤولون السياسيون والمؤسساتيون خطوات لدفع العملية السياسية قدماً”.

ورحّب باتيلي بالاجتماعات التي عقدت في مارس وأبريل في تونس وطرابلس وبنغازي وسبها لممثلين عسكريين من مختلف مناطق البلاد “تعهّدوا خلالها بدعم جميع مراحل الانتخابات ونبذ العنف في جميع أنحاء ليبيا واتخاذ تدابير عملية من أجل عودة آمنة للنازحين”.

وأضاف أن “اللقاءات بين الوحدات العسكرية والمجموعات الأمنية من الشرق والغرب والجنوب تشكل تقدما. وهذه اللقاءات تحمل قيمة رمزية كبرى على طريق المصالحة وتوحيد البلاد”.

وأشار باتيلي إلى أن هذه “الديناميكية الوطنية الجديدة” يجب أن تكون “مستدامة وموسعة”، مؤكدًا أن الأمم المتحدة ستواصل عمل الوساطة حتى يتم استيفاء جميع الشروط “السياسية والقانونية والأمنية لتنظيم الانتخابات هذا العام”.

وتم تأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية، التي كان من المقرّر إجراؤها أصلاً في ديسمبر 2021، إلى أجل غير مسمّى بسبب الخلافات المستمرة لاسيّما حول القاعدة القانونية للاقتراع ووجود مرشّحين مثيرين للجدل.

وتمرّ ليبيا بأزمة سياسية كبيرة منذ انتفاضة 2011 التي أطاحت بمعمر القذافي بعد حكم دكتاتوري دام 42 عاماً. وتتنافس حكومتان على السلطة إحداهما في طرابلس (غرب) تعترف بها الأمم المتحدة، والأخرى مدعومة من مجلس النواب في طبرق.

وكان باتيلي أعلن في إحاطته السابقة لمجلس الأمن عن مبادرة جديدة لكسر الجمود، سيتم بموجبها تشكيل لجنة تسييرية تشارك فيها جميع القوى من أجل الاتفاق على قاعدة دستورية، بعد تعثر تحقيق ذلك من قبل مجلسي النواب والأعلى للدولة.

ودفعت المبادرة المجلسين إلى التحرك والتوافق على تعديل جديد للإعلان الدستوري تم وفقه الاتفاق على تشكيل لجنة مناصفة بينهما لحل المسائل الخلافية بينهما ولاسيما تلك المتعلقة بمشاركة العسكريين ومزدوجي الجنسية في الانتخابات.

وفي ضوء هذا التحرك تراجع باتيلي عن مبادرته، وتعاطى بنوايا حسنة مع المجلسين، وكان قد أعرب مؤخرا عن أمله في التوصّل إلى اتفاق “بحلول منتصف يونيو” لتنظيم الانتخابات قبل نهاية العام الجاري.

وقال باتيلي الثلاثاء إنه عرض على لجنة 6+6 المكونة من شخصيات تنوب عن المجلسين “دعم البعثة اللوجستي وتقديم الخبرات الفنية لتمكينها من القيام بعملها في إعداد القوانين الانتخابية”.

وأضاف “أحث قيادتي المجلسين على تسريع عمل لجنة 6+6 ونشر برنامج عمل اللجنة المحدد بإطار زمني في سبيل تنظيم الانتخابات هذا العام”.

ويلقى إجراء انتخابات في ليبيا لإنهاء المرحلة الانتقالية دعما من القوى الإقليمية والدولية، لكن الإشكال يبقى متمثلا في التساؤل: هل أن القوى المتحكمة في المشهد الليبي جاهزة فعلا لإجراء هذا الاستحقاق؟

وقال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة الثلاثاء إن التوصل إلى إطار تشريعي توافقي وشامل للانتخابات في ليبيا، تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة، هو المسلك الوحيد نحو سلام دائم.

جاء ذلك في كلمة لبوريطة خلال الاجتماع الوزاري لمجلس السلم والأمن الأفريقي، تلاها نيابة عنه مدير المشرق والخليج والمنظمات العربية والإسلامية بالوزارة فؤاد أخريف.

وانعقد الاجتماع عبر تقنية التناظر المرئي، حول المصالحة الوطنية في ليبيا، وفق بيان للخارجية المغربية.

ولفت إلى أن “إجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن هو الكفيل بتشكيل حكومة شرعية منتخبة”. وأعرب عن أمله في أن يكون مؤتمر المصالحة الوطنية، الذي يعتزم الاتحاد الأفريقي والمجلس الرئاسي الليبي عقده في طرابلس، مناسبة لتعزيز التوافق بين الفرقاء الليبيين.

وقال إن “موقف المملكة المغربية من القضية الليبية يظل ثابتا وواضحا، قوامه تقديم كل أوجه الدعم حتى تصبح ليبيا دولة قوية وديمقراطية بمقدورها المساهمة في الدفع بالاندماج المغاربي، في إطار من الوحدة والعمل لما فيه مصلحة الشعوب المغاربية الخمسة”.وذكر أن بلده يعتبر ليبيا شريكا أساسيا في بناء الفضاء المغاربي وتحقيق طموحات الشعوب المغاربية في الاندماج والتنمية.

وقال الوزير إن “المغرب واصل جهوده لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين، من خلال استقبال الفاعلين السياسيين والمسؤولين الليبيين، وكذا المبعوث الأممي ومبعوثي الدول والمنظمات المكلفين بالملف الليبي”.

وسبق أن احتضن المغرب خمس جولات من الحوار بين الأطراف المتنازعة في ليبيا، توجت في يناير 2021 بالتوصل إلى اتفاق على آلية تولي المناصب السيادية، بالإضافة إلى لقاء بين وفدي المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب حول قانون الانتخابات خلال سبتمبر 2021.

_____________

مواد ذات علاقة