وعود لا تتحقق

رئيس بلدية أوباري يطالب السلطات المركزية بالتدخل لمعالجة أزمة الوقود.

ظلّ الجنوب الليبي الغني بالثروات الطبيعية والموارد النفطية محلّ تجاذبات سياسية متواصلة منذ سنوات، ومثّل ورقة انتخابية هامة قدم من خلالها الفاعلون السياسيون في ليبيا وعودا بمعالجة المشاكل المعيشية لكسب ودّ السكان.

 عبّر أهالي منطقة فزان (جنوب غرب ليبيا) التي تمتلك ثروات نفطية هائلة عن استيائهم من تواصل تهميش حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة لهم، بعد تجاهلها للدعوات التي أطلقتها بلدية أوباري للتدخل وإرسال كميات من الوقود إلى المنطقة.

وتعاني منطقة فزّان منذ سقوط نظام الزعيم الراحل معمر القذافي في فبراير 2011 حالة من التهميش والاستقطاب بين الفرقاء السياسيين في ليبيا، ما زاد في معاناة المواطنين في المنطقة الغنية بالنفط.

وطالب رئيس بلدية أوباري بجنوب ليبيا أحمد ماتكو السلطات المركزية بالتدخل لمعالجة أزمة الوقود التي تمر بها المنطقة منذ نحو شهر.

وقال ماتكو في تصريح لوكالة “نوفا” الإيطالية للأنباء إن “حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة وما تسمى بحكومة الاستقرار الوطني بقيادة أسامة حماد والمعين من مجلس النواب في طبرق تجاهلتا الدعوات التي أطلقتها البلدية للتدخل وإرسال كميات من الوقود إلى أوباري”، مؤكدا أن “الأهالي ينتظرون أيام وصول البنزين من مستودعات سبها (عاصمة منطقة فزان جنوب غرب ليبيا)”.

وأضاف ماتكو أنه في فزان “تجاوز سعر لتر البنزين 7 دنانير ليبية أي 450 دينارا لملء سيارة بالوقود بينما لا تبلغ سوى 10 دنانير في منطقتي طرابلس وبرقة”.

وأعرب رئيس بلدية أوباري عن “استيائه من هذا الوضع”، مشيراً إلى أن “أبناء الجنوب لم يعد بإمكانهم قبول استمرار الأوضاع الحالية والتفاوت المخزي في مستوى المعيشة في البلاد”.

وتعد فزان منطقة إستراتيجية للغاية في ليبيا بسبب مواردها النفطية. وتوحّد التّبو والطوارق الذين يعيشون هناك، رغم انقسامهم الشديد وتخلي حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس عنهم.

وتواجه المنطقة منذ سنوات أزمة خطيرة تتمثل في نقص شديد في الوقود والخدمات الأساسية، فضلاً عن دفعها فاتورة باهظة لترؤّس النزاعات العسكرية والسياسية في ليبيا.

وسبق أن تعهّد الدبيبة في إطار حملته الانتخابية في 2021 بتأمين الحكومة للمنطقة الجنوبية، والعمل على استكمال الخطة الأمنية لدعم مديريات الأمن من أجل مكافحة الجريمة والإرهاب في الجنوب وفي كل مدن ليبيا لتأمين إجراء الانتخابات التي كانت مقررة في الرابع والعشرين من ديسمبر 2021 في المنطقة الجنوبية.

وزار الدبيبة مدينة سبها عاصمة إقليم فزان وثالث الأقاليم التاريخية للبلاد إلى جانب طرابلس وبرقة، مع وفد وزاري.

وقال خلال اجتماع لمجلس الوزراء هو الأول من نوعه في المدينة إن ما تعانيه المنطقة الجنوبية “ما هو إلا نتاج سنوات من الحرب والانقسام”، مؤكدا أن وجود الحكومة بالكامل في مدينة سبها “دليل على عزمنا المضي لمساعدة الجنوب”.

كما حاول لفت انتباه أهالي الجنوب إلى أن حكومته تفكر جديا في مشاكلهم وأزماتهم المعيشية ومنها أزمة الوقود والصحة.

واستبقت قيادة الجيش برئاسة المشير خليفة حفتر زيارة الدبيبة بإرسال وفد من الضباط الكبار إلى إقليم فزان.

وقالت شعبة الإعلام الحربي إن الوفد ضم أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة من ضباط الجيش بقيادة رئيس الأركان العامة الفريق أول عبدالرازق الناظوري، وذلك للاطلاع على أوضاع العمل في جميع المعسكرات والثكنات العسكرية بمناطق جنوب ليبيا.

وقالت وسائل إعلام مقربة من قيادة الجيش حينها إن وفدا من القادة العسكريين الليبيين قرر إجراء جولة في مواقع الجيش جنوب البلاد، للاطمئنان على القوات هناك والوقوف على احتياجاتها اللوجستية مع استمرار العمليات ضد تنظيم داعش عقب هجومه على قوة للشرطة في مدينة سبها بالمنطقة الجنوبية.

وفي وقت سابق هدد “حراك فزان” (تحرك احتجاجي طالب بالاهتمام بمنطقة الجنوب الليبي) حكومة الوحدة الوطنية الليبية برئاسة الدبيبة بقطع تدفق النفط في حال “استمر تهميش الجنوب الليبي”.

ودعا الحراك آنذاك إلى تحقيق غايات من أهمها دعم الجهات الأمنية التي توجد على رأسها إعادة إدارة حرس الحدود إلى فزان، وسحب جميع القوات الأجنبية المتمركزة بالجنوب، فضلا عن تفعيل ديوان رئاسة الوزراء ومباشرة عمله من فزان.

كما دعا البيان إلى إنشاء صندوق لإعمار فزان وإحداث منفذ تجاري في الإقليم، بالإضافة إلى مطالب أخرى.

ويعد إقليم فزان همزة وصل بين ليبيا ودول أفريقيا جنوب الصحراء، إضافة إلى كونه يُعد مركزا قبليا هاما، إلا أنه لا يزال يعاني إهمالا من السلطات.

بدورها أدت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش زيارة إلى بلدة القطرون جنوب البلاد واجهت خلالها تشويشا من قبل المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين، كما أجرت زيارة إلى معبر التوم في أقصى الجنوب على الحدود مع النيجر.

والتقت المنقوش مقرر مجلس النواب صالح قلمة وعضو المجلس الأعلى للدولة الاستشاري الطاهر المكني وعضو المجلس البلدي عمر عمورة وعددا من المسؤولين المحليين وأعيان ونشطاء المدينة الذين رحبوا بخطوتها باعتبار أنها أول وزيرة تصل إلى القطرون منذ العهد الملكي الذي انتهى في ليبيا في العام 1969.

كما أجرى وزير النفط والغاز بحكومة الوحدة الوطنية محمد عون زيارة إلى الجنوب حيث التقى احميد حومة النائب الثاني لرئيس البرلمان، وعضوي المجلس الهادي الصغير وعبدالسلام محمد.

وبحث عون الإسراع بإنشاء مصفاة في الجنوب، وتوظيف الشباب الخريجين، خصوصا في تخصصات النفط والغاز.

وأدى رئيس المجلس الرئاسي الليبي السابق فايز السراج في 2018 زيارة إلى حقل الشرارة النفطي جنوب غرب البلاد للتفاوض مع المحتجين على تدهور الأوضاع وتهميش الجنوب الليبي.

وقال عبدالحكيم باشا أحد أعضاء الحراك حينها إن السراج وصل إلي حقل الشرارة أكبر الحقول النفطية في ليبيا، وإن زيارته تهدف إلى لقاء قيادات الحراك والاتفاق على تنفيذ مطالبهم الـ10 والتفاوض حول آلية تنفيذها.

ويتم استخدام الوقود ليس فقط لتزويد السيارات، ولكن أيضًا لمولدات الكهرباء التي تعمل على تعويض أوجه القصور في نظام الكهرباء الليبي.

وفي الصيف يتسبب هذا النقص في انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد ويمكن أن يستمر لأكثر من 20 ساعة في اليوم، بينما تتجاوز درجات الحرارة في المناطق الصحراوية 40 درجة مئوية.

___________

مواد ذات علاقة