ماتت درنة وولد أخريات.. هذا ما قالته الطبيبة الليبية المتخصصة في التوليد، إيمان القطورني، في إشارة إلى ما حلّ بمدينة درنة التي دمرها الإعصار “دانيال” والفيضانات الذي سببه في المدينة ومدن أخرى بالشرق الليبي، قبل أسبوعين.

الطبيبة الليبية، لفتت أنها تقصد بـ “موت درنة هو موت السكان ودمار المدينة التي جرفت الفيضانات والإعصار نحو ربع منازلها واخفت مبانيها مع سكانها وقذفت بهم في البحر”، إذ ما تزال عمليات انتشال الجثث مستمرة حتى اليوم بعد مرور 14 يوما على الكارثة.

أما ولادة درنة، فتقصد الطبيبة إيمان بذلك “حالات الولادة التي شاركت فيها لنساء حوامل ناجيات من الموت في مدينة درنة عقب يومين من الاعصار.

قالت: “كان جل المواليد إناثا تم تسمية بعضهن باسم درنة.

وعن عملها في درنة، قال الطبيبة إيمان القطروني: “انتقلت صحبة فريق من نساء تخصص التوليد من مدينة بنغازي إلي مدينة درنة المنكوبة للعناية بالنساء هناك خاصة في ظل خروج جل مشافي المدينة عن الخدمة بسبب الفيضانات”.

الطبيبة إيمان وزميلاتها أجرين في مدينة درنة كشوفات طبية لأكثر من 120 حالة من نساء المدينة، على حد قولها.

وقالت إن “الفريق الطبي الذي عملت ضمنه في درنة أجرى 7 عمليات توليد قيصرية لنساء ناجيات في درنة إضافة لـ5 ولادات طبيعية (بدون تدخل جراحي)”.

معظم حالات الولادة تلك كانت إناثا، بحسب الطبيبة التي شاركت في التوليد، وقالت: “تم تسمية ثلاث بنات باسم درنة على اسم المدينة التي دمرها الإعصار”.

ولادة متعسرة

وعن أصعب حالات الولادة التي مرت على الطبيبة إيمان في مدينة درنة كانت لامرأة فقدت والدها وأمها وشقيقها جراء الفيضانات.

تقول الطبيبة إيمان “تلك المرأة كانت فاقدة لشغف الحياة. أنجبت بصعوبة جراء حالتها النفسية المتأزمة وحالتها المجهدة.. أنجبت المرأة طفلا أسمته كمال على اسم شقيقها الذي قضي في الفيضانات”.

عانت المرأة من مضاعفات الأمر الذي اضطررنا لأن ننقل لها الدم ونسهر بجانبها صحبة أطباء العناية الفائقة حتى الصباح والأمور تيسرت”، تضيف الطبيبة الليبية.

في ذات الوقت الذي كانت فيه تلك الولادة متعسرة، ولدت “يسير”؛ وهو اسم لطفلة شاركت الطبيبة إيمان في توليد أمها التي اختارت ذلك الاسم “لييسر الله على أهل مدينتها درنة وليبيا “، وفق ما نقلت عنها الطبيبة إيمان.

مدينة تلد وطن

إحدى الأمهات اللاتي ولدن بعد 48 ساعة من الإعصار كانت فائزة التي فضلت عدم نشر اسمها كاملا.

تحدثت فائزة للأناضول عن سبب اختيار اسم درنة لوليدتها التي تبلغ الآن من العمر أسبوعين فقط.

تقول فائزة: “أسميت الطفلة درنة لكنني لا أتمنى لها نفس مصير المدينة درنة.

وتستطرد بالقول “أسميت طفلتي درنة مع أني أخاف أن يذكرنا أسمها عندما تكبر بولادتها في عام الاعصار الذي سيترك لنا مآسي وجراحا في القلب”.

وتضيف أم درنة “نجوت أنا من الاعصار وكذلك عائلتي نجت جميعها لكن جيراني في ذات العمارة السكنية لا يزالون مفقودين”.

وتختم قائلة “ربما ماتت درنة المدينة لكنها ولدت أيضا وطنا” مشيرة لـ “تكاثف الليبيين ووحدتهم شرقا وغربا وجنوبا ضد الكارثة التي حلت بدرنة”.

وفي 10 شتنبر الجاري اجتاح الإعصار المتوسطي “دانيال” عدة مناطق شرقي ليبيا أبرزها مدن بنغازي والبيضاء والمرج وسوسة بالإضافة إلى مناطق أخري بينها درنة التي كانت المتضرر الأكبر.

وكانت درنة أكثر المدن تضررا، وذلك بعد انهيار سدين كبيرين بسبب السيول المنحدرة من الجبال بفعل غزارة الأمطار التي جلبها الإعصار، الأمر الذي تسبب في تسجيل أكبر عدد من الوفيات إضافة لآلاف المفقودين في المدينة.

و24 شتنبر الجاري، أعلنت لجنة تابعة للحكومة المكلفة من البرلمان ارتفاع حصيلة ضحايا إعصار “دانيال” إلى “3868 حالة وفاة”، مرشحة ارتفاع الحصيلة بشكل كبير.

وهذه الحصيلة قريبة من أخرى أعلنتها منظمة الصحة العالمية، في 16 سبتمبر الجاري، حين أفادت بمصرع 3958 شخصا وفقدان أكثر من 9 آلاف آخرين.

_____________

مواد ذات علاقة