وليد عبد الله

مجلس النواب أصدر قوانين انتخابات الرئاسة والبرلمان، والمجلس الأعلى للدولة اعتبرها باطلةوتمسك بالقوانين التي أنجزتها اللجنة المشتركة دون إدخال تعديلات.

المحلل السياسي فرج فركاش: استلام المفوضية للقوانين الانتخابية لا يكفي لإجراء الانتخابات، مطلوب مزيد من التوافق، ما يعني تعديل القوانين عبر حوار سياسي.

المحلل السياسي السنوسي إسماعيل: القوانين الحالية كافية لإجراء الانتخابات وهي أقصى ما يمكن التوصل إليه من توافق.. ورفض المجلس الأعلى لها ليس مؤثرا.

بعد إعلان مفوضية الانتخابات الليبية استلامها قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، طفا على السطح مرة أخرى الخلاف بين مجلسي النواب والأعلى للدولة (نيابي استشاري)، ما يعني أن حالة الانسداد السياسي لا تزال قائمة، بما قد يحول دون إجراء انتخابات طال انتظارها.

وفي 4 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري أصدر مجلس النواب قوانين الانتخابات التي أقرتها اللجنة المشتركة “6+6”، فيما أعلن المجلس الأعلى للدولة تمسكه بالقوانين التي أنجزتها وأصدرتها اللجنة في 6 يونيو/ حزيران الماضي عقب مباحثات في مدينة بوزنيقة المغربية، دون إجراء أي تعديلات عليها.

ولم يبين مجلس النواب ما إذا كانت القوانين التي أصدرها هي النسخة الأولى ذاتها التي أنجزتها اللجنة المشتركة (بين مجلسي النواب والأعلى للدولة) أم أنه أدخل تعديلات عليها.

واعتبر رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة أن القوانين الصادرة عن البرلمان مخالفة للتعديل الدستوريوباطلة“.

ودعا تكالة، في رسالة وجهها إلى مبعوث الأمم المتحدة عبد الله باتيلي، إلى اعتبار ما صدر عن البرلمان من قوانين انتخابية مخالفا للتعديل الدستوري الثالث عشر، ومشوبا بعيوب وأخطاء تنحدر به إلى درجة الانعدام، متهما البرلمان أيضا بـتجاوز قواعد إدارة التوافق والاختلاف“.

تكالة تابع أن مهمة اللجنة المشتركة 6+6 وقتية ومحددة في إجراء توافقات، لكنها لم تتقيد بمهامها، فبعد أن سلمت نسخة بوزنيقة (من قوانين الانتخابات) إلى مجلس النواب، قبلت بإجراء ما طلبه من تعديلات عليها، ولم تكن مخولة بذلك“.

قضايا خلافية

ورغم إعلان مفوضية الانتخابات جاهزيتها لبدء تنفيذ القوانين الانتخابية، إلا أنها ألمحت إلى وجود خلافات عديدة، من خلال دعوتها، عبر بيان، كل الأطراف إلى التكاتف والتوافق على إنجاز هذا الاستحقاق (الانتخابي) التاريخي والمصيري“.

فيما أعلنت البعثة الأممية في بيان، أنها أكملت المراجعة الفنية الأوليةلقوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لكنها أكدت وجود خلافات.

البعثة قالت إنه ما تزال هناك قضايا خلافية من الضروري معالجتها وحلها عبر تسوية سياسية، وهذه القضايا تشكل دلالة أخرى على انعدام الثقة بين الفاعلين السياسيين والعسكريين والأمنيين في ليبيا“.

وأوضحت أن القضايا الخلافية هي النص على إلزامية (إجراء) جولة ثانية للانتخابات الرئاسية، بغض النظر عن الأصوات التي يحصل عليها المرشحون، والربط بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية؛ ما يجعل انتخابات مجلس الأمة مرهونة بنجاح الانتخابات الرئاسية“.

ومن بين الخلافات أيضا مسألة تشكيل حكومة موحدة لقيادة البلاد إلى الانتخابات وإغلاق صفحة الحكومات المؤقتة، وفقا للبيان.

ومنذ مارس/ آذار 2022، توجد في ليبيا حكومتان، إحداهما برئاسة أسامة حماد وكلفها مجلس النواب (الشرق)، والأخرى معترف بها من الأمم المتحدة، وهي حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب .

ضرورة تعديل القوانين

المحلل السياسي الليبي فرج فركاش قال للأناضول إن استلام مفوضية الانتخابات للقوانين لا يكفي لإجراء الانتخابات“.

وأردف فركاش أن رئيس المفوضية (عماد السايح) يدرك أن إصدار القوانين لابد أن يكون وفق الاتفاق السياسي الذي لا يزال معمولا به إلى الآن، في إشارة إلى ضرورة التوافق بين مجلسي النواب والأعلى للدولة.

وتابع: “لكي تتمكن المفوضية من تطبيق هذه القوانين ووضعها حيز التنفيذ لابد من مزيد من التوافق، وهذا يعني تعديل القوانين إلى صيغة يمكن تطبيقها“.

فركاش استطرد: “وهذا يعني عودة القوانين إلى نقطة المفاوضات، ويتطلب ليس إشراك مجلسي النواب والدولة فقط، بل كل الليبيين“.

وزاد بأن هذا يعني العودة إلى مربع الحوار، وربما حوار سياسي آخر تتمثل فيه كل الأجسام الحالية من المجلسين وحكومة الوحدة الوطنية وممثلين عن القوى العسكرية الفاعلة في الشرق والغرب ومكونات أخرى من المجتمع المدني وغيرهم“.

لكن فركاش قال إن معوقات عديدة ستواجه مفوضية الانتخابات، أبرزها الوضع الأمني الراهن وانعدام الثقة بين الأطراف السياسية والعسكرية ودخول (ترشيح) أسماء جدلية في الانتخابات الرئاسية تحت شعار عدم إقصاء أي طرف“.

وتابع: “بالإضافة إلى استمرار التمترس خلف السلاح من جانب المليشيات شرقا وغربا بمختلف مسمياتها، وعدم انصياعها للسلطة المدنية وعدم وجود ضمانات بأنها ستفعل ذلك حتى لو نجح إجراء الانتخابات بشقيها الرئاسية والتشريعية“.

ومنتقدا تكرار الحلول الخاطئة، قال إن القانون (الخاصة بالانتخابات الرئاسية) الذي خرج به أعضاء لجنة 6+6 هو نسخة طبق الأصل من القانون الذي كان سببا في فشل (إجراء) انتخابات ديسمبر (كانون الأول) 2021″.

وأرجع ذلك إلى وجود المواد المتضاربة والمفخخة والشروط التعجيزية في قانون انتخاب الرئيس، كما توجد ظروف معقدة أمنية لا نتوقع حلها في القريب العاجل“.

حوار سياسي شامل

فركاش قال إن البعثة الأممية تطالب بالحد الأدنى من التعديلات على القوانين الانتخابية، ولكن هذا لن يتم إلا في إطار حوار سياسي شامل، وهو ما يعارضه عقيلة صالح (رئيس مجلس النواب) ومن معه تحت شعار أنه لا وصاية على الشعب“.

وأردف: “عقيلة ومَن معه يعلمون أن شرعيتهم الانتخابية انتهت منذ سنوات وليس لهم الحق في الوصاية على الشعب الليبي، بعد أن أصبحوا طرفا سياسيا يمثل نفسه ومصالحه فقط ومصالح الدول الداعمة له“.

وفي أكثر من مناسبة، شدد صالح على حرصه على إجراء الانتخابات وتحقيق التوافق بشأنها.

فركاش اعتبر أن محاولة تسويق القوانين تحت غطاء أنها لن تقصي أحدا هو حق يراد به البقاء والتمدد؛ لأنهم يعلمون جيدا أن هناك شخصيات جدلية، منهم (قائد قوات الشرق اللواء المتقاعد خليفة) حفتر وسيف الإسلام القذافي، لن يُقبل بترشحها“.

واستطرد: “وحتى وإن ترشحت، فلن تتمكن من القيام بحملات انتخابية في المناطق الرافضة لها، ما أراه مقدمة لحرب أهلية أخرى لا قدر الله، خاصة في ظل استمرار انعدام الثقة بين الأطراف السياسية والعسكرية الفاعلة، رغم محاولات باتيلي للتوفيق بينها“.

ومضى قائلا: “من الواضح أن هدف صالح ومن معه هو إفشال الانتخابات عبر عدم التوافق مع مجلس الدولة، وهذا أكدته تصريحات تكالة“.

وأيضا عبر ربط نجاح وإنجاز الانتخابات البرلمانية بنجاح وانجاز الانتخابات الرئاسية التي يعلمون أن الظروف لن تسمح بانعقادها، ما يتيح لهم البقاء والتمدد لأطول فترة ممكنة، خاصة مع وضع شرط تشكيل حكومة جديدة نعلم أنها، في ظل الظروف الأمنية وعدم توافق الأطراف الفاعلة، لن تستطيع فرض سلطتها على كل أنحاء ليبيا، بحسب فركاش.

وأردف: “أعتقد بأن باتيلي يدرك جيدا ألاعيب عقيلة ومن معه وليس لديه النية لمجاراتهم في تشكيل حكومة جديدة، كما يدرك النقاط الخلافية التي من شأنها أن تفجر الانتخابات“.

واستدرك: “لكن تبقى لباتيلي المهمة الأصعب، وهي إحداث توافق دولي حول كيفية التعامل والضغط على الأطراف التي تتظاهر علنا بدعمها للانتخابات بينما تخطط من تحت الطاولة لإحباطها، عبر تسويق هذه القوانين العبثية والاستفراد بصياغتها وإصدارها“.

كافية لإجراء الانتخابات

في المقابل، اعتبر المحلل السياسي الليبي السنوسي إسماعيل بأن القوانين الانتخابية المنجزة كافية لإجراء الانتخابات، وهي أقصى ما يمكن التوصل إليه من توافقات بين مجلسي النواب والدولة“.

إسماعيل تابع، في حديث مع الأناضول، أن العوائق أمام إجراء الانتخابات قد تكون دولية، وتحديدا من البعثة الأممية، التي لا يبدو أنها تدعم إجراء الانتخابات وفقا لتوافق الأطراف السياسية الليبية“.

ورأى أن البعثة تسعى إلى التحكم في تشكيل الحكومة الجديدة، وهو تجاوز لصلاحياتها الممنوحة لها من مجلس الأمن لدعم العملية السياسية الليبية وليس للتحكم فيها وفي مخرجاتها“.

ورفض المجلس الأعلى للقوانين المنجزة ليس مؤثرا، بحكم أنه منقسم بين كتلة التوافق، التي تمثل الغالبية من الأعضاء، مقابل الرئيس (تكالة) الذي يبدو أنه ينفرد ببيانات المجلس ومواقفه من توافقات بت فيها المجلسان سابقا بعد عملية توافق صعبة جدا، كما ختم إسماعيل.

____________

مواد ذات علاقة