عبد العزيز الوصلي

 تستمر نقاشات رفع دعم الوقود في ليبيا للوصول إلى صيغة تضمن حق المواطن بعيدا عن مصالح المهربين، وفق قول رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد الدبيبة.

يأتي ذلك وسط جدل حول قرار رفع الدعم عن المحروقات، والمقدرة كلفته بنحو 4 مليارات دينار سنويا (835.49 مليون دولار) من موازنة الدولة.

وقال الدبيبة، في مقطع مصور نشره على حسابه الرسمي عبر موقع فيسبوك، إن إقرار أية إجراءات مشروط بقبول الناس، وأن يكون مردودها المالي مباشرًا في جيب المواطنين، وجاء ذلك بعد أقل من يوم واحد من إعلانه نية حكومته رفع الدعم عن الوقود نهائيًا.

وبحسب لجنة دراسة رفع الدعم عن المحروقات التابعة لحكومة الوحدة، فإن القرار الذي سيُتخذ في هذا الملف لن يكون عشوائيًا، كما أن مجلس الوزراء لم يتخذ أي قرار برفع الدعم عن المحروقات، في وقت يتدارس فيه الأمر مع خبراء وباحثين.

خطوة للوراء

وذكرت اللجنة، في مؤتمر صحفي الخميس، أن اتخاذ قرار رفع الدعم سيسبقه دعم لمشروعات المواصلات، مضيفة أن القرار سيكون قرار الليبيين كلهم لا الحكومة وحدها، وذلك بعد ساعات من تأكيد الدبيبة أن القرار اتُّخذ ولا رجعة فيه.

وقال الناطق باسم حكومة الوحدة الوطنية، محمد حمودة، في تصريحات متلفزة، إن الحكومة ستجري استطلاع رأي شعبي لمعرفة آراء المواطنين في مسألة رفع الدعم عن المحروقات، موضحا أن الحكومة شكّلت لجنة من الجهات ذات الاختصاص لإيجاد بدائل للدعم تصب في مصلحة المواطن.ات في الأوساط العامة بشأن قرار الدبيبة رفع الدعم مرجعًا أسباب ذلك إلى التقارير الواردة من جهات رقابية دولية إلى جانب مصرف ليبيا المركزي والدواوين الرقابية المحلية.

توصيات

ولم ير الخبير الاقتصادي علي الصلح، في تعليقه للجزيرة نت في الأمر جديدًا، وقال إن دراسات وتوصيات صندوق النقد والبنك الدوليين بهذا الخصوص قدرت الزيادة في المستوى العام للأسعار بنسبة 10%.

وأوضح الصلح أن ما يحدث اليوم من ارتفاع فاتورة الدعم، يأتي نتيجة زيادة سعر صرف الدينار الليبي أمام الدولار، وقال : “حين عدل المصرف المركزي سعر الصرف ارتفعت كل الأسعار باستثناء الوقود الذي يجب التوافق على قرار بشأنه أولًا“.

في السياق، قال المكتب الإعلامي لوزارة الاقتصاد بحكومة الوحدة الوطنية للجزيرة نت إن تقديم دراسة من الوزارة عن رفع الدعم لا يعني أنها من اقترحت ذلك، ولا يعني بالضرورة موافقتها على المشروع.

وأوضح المكتب أن الوزارة تبيّن لها أنه على الرغم من ارتفاع تكاليف الدعم، فإن نسبة دعم الوقود للمواطنين لا تتجاوز 30‎%‎ من قيمة هذا الدعم، في حين يستحوذ توليد الكهرباء على 70‎%‎، وهو الجانب الذي يستفيد منه كل الليبيين تقريبا، وعدّ ذلك سبب معارضة معظم الليبيين لخطوة رفع الدعم وأن لهم كل الحق في ذلك، وفق تعبيره.

وفي حديث للجزيرة نت توقع الخبير المصرفي، فوزي ددش أن يخلف رفع الدعم عن الوقود بطريقة مفاجئة في هذا الوقت تداعيات سيئة في المجتمع الذي تعد شريحة كبيرة منه من ذوي الدخل المحدود“.

تأثيرات سلبية

ورجح ددش أن يؤدي مثل هذا القرار إلى زيادة أسعار السلع والخدمات بشكل كبير، مضيفا أن خيار استبدال الدعم العيني على الوقود بدعم نقدي للمواطنين، لا يمكن ضمان تطبيقه بشكل سلس في ظل الفساد والانقسام المالي والإداري الذي تعانيه البلاد منذ سنوات، وفق تعبيره.

وفي ضوء الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية غير المستقرة في ليبيا، يتوقع أمجد القندولي، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد بن علي السنوسي، تأثيرات سلبية ومشاكل اقتصادية واجتماعية عديدة، نتيجة زيادة تكاليف المعيشة والنقل وزيادة التضخم.

آثار متعددة

وقال القندولي للجزيرة نت إن أكثر المتضررين من القرار هم ذوو الدخل المحدود، وقد يصعب على البعض تحمل تكاليف الوقود المرتفعة مما سيؤدي إلى زيادة مستوى الفقر والتهميش الاجتماعي الذي بدوره يؤثر على ارتفاع معدل الجريمة وزيادة عدم الاستقرار الأمني والسياسي.

وفي حين يؤكد الخبير الاقتصادي، علي الصلح أن الهيكل الاقتصادي الليبي يعد مشوها من الناحية الفنية، وفق تعبيره، لا يمكن القيام بمثل هذه الإصلاحات التي من المتوقع جدًا أن يعارضها الناس في الوقت الحالي، كرفع سعر لتر البنزين والديزل لـ4 أضعاف بشكل مفاجئ.

ويرى الصلح أن قرار رفع الدعم عن الوقود يبقى تحديا أمام كل الحكومات، إذ إن الأجدر بالسلطات معالجة سعر الصرف لخفض سعر الوقود.

ويقول إنه يجب استبدال دعم المحروقات بدعم سعر الصرف وتعديله بشكل متوازن بالتنسيق بين الحكومة والبنك المركزي وبقية الجهات.

__________________

مواد ذات علاقة