ترجمة هبة هشام

سلطت الزيارة الأخيرة التي أجراها نائب وزير الدفاع الروسي إلى بنغازي، حيث استقبله قائد «القيادة العامة»، خليفة حفتر، الضوء من جديد على الاهتمام الروسي المتزايد بتعزيز موطئ قدم لها داخل ليبيا، وتحويل البلاد إلى نقطة انطلاق لنفوذها صوب أفريقيا وخصوصا منطقة الساحل.

وذكر موقع «ميليتري نيوز»، المعني بمتابعة الشؤون العسكرية العالمية، في تقرير الجمعة، أن المسؤول العسكري الروسي يونس بك يفكيروف التقى المشير خليفة حفتر، بهدف تعزيز العلاقات الآخذة في النمو بين الجانبين منذ العام 2020، والتحرك لتوحيد صفوف جماعة «فاغنر» في ليبيا تحت سيطرة موسكو، وإعادة هيكلتها فيما بات يعرف بـ«الفيلق الروسي في أفريقيا».

الفيلق الأفريقي ورحلات عسكرية

وفي هذا، قال الباحث في شؤون شمال أفريقيا في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، جلال حرشاوي: «الفيلق الأفريقي لن يتشكل من جنود روس نظاميين فحسب، بل سيضم مرتزقة كذلك، ما يعني أنه سيقدم خدمات مقابل رسوم، كما ستظل بعض العمليات سرية».

ويقدر محللون أعداد مقاتلي «فاغنر» الروس المتمركزين في شرق ليبيا بين 800 – 1000 مقاتل. كما تحتوي المنطقة الشرقية على قواعد عسكرية مثل الجفرة، حيث يمكن للرحلات العسكرية الروسية التوقف قبل التوجه جنوبا إلى دول مثل جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث ساعدت موسكو الحكومة في معركتها ضد المتمردين المسلحين، كما أورد الموقع الإخباري.

موسكو تستميل المجالس العسكرية في النيجر ومالي

ومع خفوت النفوذ الفرنسي في القارة الأفريقية، عملت روسيا على استمالة المجالس العسكرية التي قادت انقلابات في بلدان مثل النيجر ومالي، وكلاهما استقبل يفكيروف الشهر الماضي، وكذلك بوركينا فاسو، التي سبق وأعلنت أنها تسلمت 25 ألف طن من القمح المجاني من روسيا.

وإلى جانب استخدام ليبيا كبوابة للانطلاق إلى أفريقيا، يشير موقع «ميليتري نيوز» إلى «ما يثار بشأن استخدام روسيا مدينة طبرق الساحلية كقاعدة للسفن البحرية العسكرية، وهو ما يعني منح الكرملين قاعدة بحرية جديدة على البحر المتوسط، تضاف إلى مناطق وجودها في اللاذقية وطرطوس».

وقال التقرير: «مقابل السماح لروسيا باستخدام القواعد الجوية والموانئ، يتوقع حفتر من العسكريين الروس مواصلة تشغيل أنظمة الدفاع الجوية كنوع من الدفاع أمام الوجود العسكري التركي في غرب ليبيا».

تعزيز الوجود الروسي على البحر المتوسط

وفي هذا الصدد، قال المحلل في الشؤون البحرية العسكرية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، نيك تشايلدز: «إقامة قاعدة بحرية محتملة في ليبيا يساعد روسيا في تعزيز موطئ قدم لها هناك، وتعزيز نفوذها في شمال أفريقيا».

وأضاف: «من الناحية البحرية، سيعتمد الكثير على المرافق المتاحة بالفعل وما إذا كان لدى روسيا خيار تطويرها لدعم مجموعة واسعة من الأصول، بما في ذلك نشر الغواصات العسكرية. في هذه الحالة، سيدعم ذلك كثيرا قدرتها على الاحتفاظ بقدرات بحرية في المنطقة».

لكنه أشار كذلك إلى أنه «إذا كانت المنشآت الروسية المقامة في ليبيا محدودة، سيعكس هذا المأزق نفسه الذي تمر به روسيا في سورية، حيث لا تستطيع قواتها البحرية القيام بعمليات إصلاح وصيانة معمقة».

الربط بين سورية وليبيا والسودان

في سياق متصل، قال الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن أمبرتو بروفازيو إن «ميناء طبرق من الموانئ ذات المياه العميقة، وهذا يمنح روسيا إمكان تحقيق معادلة التثليث بين موانئها في سورية وبورتسودان».

وتجري روسيا، حسب تقارير إعلامية، مفاوضات بشأن قاعدة بحرية في السودان تطل على البحر الأحمر.

في حين قال الباحث جلال حرشاوي: «في العام 2022، أغلق حفتر الإنتاج النفطي في شرق ليبيا، وهو لا يريد أن يشعر بالقلق إزاء المسيرات التركية إذا أقدم على خطوة مماثلة في المستقبل. وأسقط الروس مسيرة أميركية من طراز ريبر فوق بنغازي بالعام 2022».

محاولة أميركية لاستمالة حفتر

وأثارت الزيارات المتكررة لمسؤولين رفيعي المستوى من وزارة الدفاع الروسي قلق الولايات المتحدة التي حاولت استمالة المشير حفتر بعيدا عن فلك النفوذ الروسي، لكن تقرير «ميليتري نيوز» قال إن «المحاولة لم تسر بشكل سلس».

وأشار الموقع إلى أن الزيارة التي أجراها قائد القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) مايكل لانجلي إلى شرق ليبيا، سبتمبر الماضي، أعقبها بأيام قليلة زيارة أجراها المشير حفتر إلى روسيا.

وبعد أربعة أيام فقط من زيارة نائب وزير الدفاع الروسي إلى ليبيا، ديسمبر الماضي، تحطمت طائرة شحن روسية من طراز « Ilyushin Il-76» في قاعدة الجفرة الجوية، في حادث هو الثاني من نوعه خلال العام 2023.

وفي هذا، قال الباحث جلال حرشاوي: «إذا كانت الولايات المتحدة من فعل ذلك، ربما تكون تلك طريقة لإلحاق الضرر بروسيا من دون الإضرار بحفتر. المشكلة هي أنه ربما قرر الكرملين أن خسارة اثنين من طائرات الشحن في عام واحد ثمن يستحق دفعه مقابل الحفاظ على الوجود في ليبيا».

___________________

مواد ذات علاقة