محاولات السيطرة على حقول النفط والموانئ

لقد لعبت الإمارات دورا له تبعات كارثية داخل الساحة الليبية. فمنذ إطاحة ثورة 17 فبراير بنظام القذافي، والإمارات تسعى جاهدة لإجهاض الثورة وخلق حالة من عدم الاستقرار في ليبيا، من خلال دعمها القوي لأحد أطراف الصراع الليبي.

لقد تسبب التدخل الإماراتي بفوضى عارمة داخل ليبيا مما تسبب في حالة من الانقسام السياسي والعسكري داخل مؤسسات الدولة الليبية، وتمزيق النسيج الاجتماعي وتدهور حالة الاقتصاد الليبي.

كشفت العديد من التقارير السنوية للجنة العقوبات الدولية الخاصة بليبيا عن خرق الإمارات وبصورة متكررة نظام العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا، من خلال تجاوز حظر التسليح المفروض عليها.

أشارت اللجنة في تقاريرها إلى أن الإمارات قدمت الدعم العسكري لقوات خليفة حفتر واعتبرت أن المساعدات الإماراتية قد أدت إلى تزايد إعداد الضحايا في النزاع الدائر في ليبيا.

دفعت الإمارات فاتورة حرب حفتر على العاصمة طرابلس، وخسرت عشرات المليارات من الدولارات حتى الآن من أجل زعزعة الاقتصاد الليبي. لكن هذا قد يجنبها خسائر على الأمدين المتوسط والطويل بمئات المليارات في حال حدوث استقرار في ليبيا، البلاد التي تتمتع بمقومات وثروات طبيعية هائلة، حيث الموقع الجغرافي والطقس المعتدل ، والساحل الممتد لقرابة 2000 كيلومتر على طول المتوسط، مما أغرى الإمارات وجعلها تسعى للسيطرة على مقدرات الدولة الليبية.

استراتيجية جديدة تسعى لها الإمارات في ليبيا

تسعى الإمارات منذ سنوات بتعويض نقاط ضعفها بالعديد من خطط السيطرة الاقتصادية، وكانت سلسلة الموانئمن أهم الخطط الاستراتيجي التي تتبعها لإيجاد موضع قدم في النفوذ الإقليمي والدولي، حيث تريد الإمارات من خلال بناء سلسلة من الموانئ في العديد من دول الإقليم، لمحاولة السيطرة على طرق التجارة العالمية، ومن ثم تصبح شريكا للصين في مبادرة الحزام والطريق، أو أنها تريد أن تكون نسخة من مبادرة الحزام والطريق التي تمكنها من السيطرة عليها أو إدارتها.

وبالتالي تصبح شريكا رئيسيا لا غنى عنه للصين، حيث يعتقد الإماراتيون أن هذا سيضمن لهم نفوذا إقليميا ودوليا في المستقبل، ومن بين الدول التي تسعى الإمارات لإيجاد موضع قدم ثابت فيها ليبيا، لما تتمتع بها من مكانة استراتيجية على طرق التجارة العالمية، ناهيك على ما تتمتع به من ثروات طبيعية ضخمة، من الممكن إذا توفرت الإرادة الليبية عند صناع القرار أن تجعلها منافسا قويا لها في الإقليم.

ففي الفترة الأخيرة أثيرت العديد من نقاط الاستفهام حول صفقة جديدة تنوي الإمارات عقدها مع سلطات الغرب الليبي، من خلال منح شركة موانئ أبوظبي، وهي شركة حكومية إماراتية حق الامتياز لإدارة المنطقة الحرة في مصراتة وجزء من ميناء مصراتة البحري لمدة 40 عاما.

أثيرت هذه الصفقة في الأوساط السياسية الليبية حيث يرى أن الحليف الجديد للإمارات في الغرب الليبي، رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة هو الذي سيوافق وسيقر هذه الصفقة. ورغم أنه حتى الآن لم يتم تأكيد أو نفي هذه الأخبار، إلا أننا في المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية في مناط التحذير من خطورة امتداد النفوذ الإماراتي في المنطقة الغربية، مما له من تبعات سلبية على حالة الاستقرار في الدولة الليبية.

في هذا التقرير، لسنا في مناط تأكيد أو نفي خبر محاولة سيطرة هيئة موانئ دبي على ميناء مصراتة. ولكننا سنوضح شواهد امتداد النفوذ الإماراتي في الغرب الليبي، والذي ظل لسنوات طويلة في حالة من القطيعة مع الإمارات، بسبب دعم الأخيرة لخيلفة حفتر وقواته في الشرق.

أهمية المنطقة الحرة في مصراتة

ابتداءً وجب التعرف على أهمية المنطقة الحرة في مصراتة للاقتصاد الليبي بما أنها كانت السبيل في العمل على إعداد هذه الورقة.

تنبع أهمية المنطقة الحرة في مصراتة من أنها منطقة محررة من كافة القيود الضريبية والجمركية والتجارية والنقدية وغيرها، باستثناء ما يتعلق منها بالعقيدة والأمن الوطني والقومي والصحة وحماية البيئة. وتعتبر أول منطقة اقتصادية حرة تأسست على الأراضي الليبية.

وفقا للقانون رقم (9) لسنة 2000م بشأن المناطق الحرة وتجارة العبور، على مساحة (2.739) هكتار شاملة ميناء مصراتة البحري مع توسعات مستقبلية تصل إلى مساحة (20.000) هكتار.

الأول: (539) هكتار شاملا ميناء مصراتة البحري.

الثاني: (2200) هكتار ويبعد مسافة 40 كلم عن الموقع الأول.

وذلك بهدف تنويع مصادر الدخل والرفع من مستوى أداء الاقتصاد المحلي وفتح فرص العمل والتدريب. من خلال بيئة استثمارية جاذبة للأنشطة الاقتصادية المتنوعة وتجارة العبور عبر التوظيف الأمثل للإمكانيات والموارد المحلية المتاحة، والتي على رأسها الموقع الجغرافي المميز والميناء البحري.

كما تعتبر المناطق الحرة من المشاريع الاقتصادية التي لها عائد تجاري ومردود اقتصادي واجتماعي إيجابي، يرتكز في محصلته على نمو متوسط دخل الفرد وتحسين الحياة المعيشية للمواطن التي هي الهدف النهائي لأي نشاط اقتصادي داخل منظومة التنمية، وهي تعتبر كغيرها من المشاريع الاقتصادية الأخرى تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني كالتالي:

  • تخفيف القيود الجمركية على حركة التجارة
  • تقليل معوقات انتقال رؤوس الأموال
  • انتشار بعض الصناعات التي تقوم على التصدير إلى الخارج
  • توفير فرص العمل للعمالة المحلية
  • زيادة حصيلة الدولة من النقد الأجنبي
  • وزيادة صادرات الدولة إلى الخارج
  • تعظيم دور الموانئ والمطارات
  • استقدام تكنولوجيا متطورة في كل المجالات
  • تدريب العمالة الوطنية عليها

ومنها ما يتعلق بالعائد على المستثمرين والمشروعات  كـ:

  1. استفادة رؤوس الأموال المستثمرة والمشروعات من الإعفاءات الجمريكية والضريبية
  2. الاستفادة من البنية الأساسية التي تقوم الدولة بتوفيرها لهذه المشروعات في المناطق الحرة
  3. تقليل تكاليف وأسعار المنتجات

تسويق إنتاج المشروعات في أسواق الدولة المجاورة.

يتبع

_______________

المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية

مواد ذات علاقة