لا تزال ليبيا في الذكرى الـ 13 لاندلاع الثورة فيها تعاني لوضع أسس دولة ديمقراطية حديثة ومزدهرة، فكيف يبدو المشهد فيها بعد ثورة 17 فبراير/شباط 2011. أطاحت ثورة 17 شباط/فبراير بنظام معمر القذافي عام 2011 ضمن موجة ثورات الربيع العربي، بعد اندلاع الثورة في تونس ومصر.

ولا يزال الليبيون في كل عام يتذكرون أجواء النصر والفرح الذي عمّ أنحاء بلادهم بعد مقتل الزعيم الليبي معمر القذافي في

أكتوبر/تشرين الأول 2011.

وكان الهدف من هذا الحراك الانتقال بليبيا إلى مرحلة جديدة تؤسس للحرية والعدالة والديمقراطية بعد الإطاحة بنظام الرجل الواحد.

وعن ذلك كتب منصور عاطي: “في مثل هذا اليوم .. لم ولن أنسى شباب مدينة أجدابيا في الساعات الأولى من يوم 17 فبراير.. المد العفوي للشعب يتقدمهم طليعة الشباب .. بين الإثارة والذهول قمت بإلتقاط هذه الصور لهؤلاء الشباب.. أبناء اللحظة الأولى”.

المجلس الوطني الانتقالي بعد الإطاحة بالقذافي

وقد تشكّل في سبيل ذلك المجلس الوطني الانتقالي برئاسة المستشار مصطفى عبد الجليل ليكون الممثل الشرعي الوحيد للشعب الليبي وواجهة للثورة الشعبية المتواصلة.

ورغم بوادر إيجابية تشير إلى إمكانية انعقاد حل قريب وشامل لا تزال ليبيا تعاني من بوادر الصراع السياسي وانسداد الأفق.

وتم التحضير في ذلك الوقت لأول انتخابات تشريعية حرة ديمقراطية لطالما غابت عن ليبيا لأكثر من 4 عقود.

و انعقدت تلك الانتخابات في يوليو/تموز 2012 لانتخاب 200 عضو للمؤتمر الوطني العام بمشاركة نحو مليوني و900 ألف ناخب.

وكتب بدر شنيبة عن ذكرى الثورة الليبية في 17 فبراير: “ثورة فبراير مبادئ بإذن الله ستتحقق يوما ما بسواعد شبابها أو على أيدي الأجيال القادمة. لن ننسى تلك الشمعة التي أنارت ظلمة أيامنا”.

انتخابات 2014 والانقسام الداخلي

وفي يونيو من العام 2014 جرت انتخابات أعضاء هيئة تأسيسية، لصياغة مشروع دائم للبلاد، وجرت في الشهر نفسه انتخابات مجلس النواب.

لكن الانقسامات كانت حائلاً لاكتمال الإنجازات الديمقراطية وعائقاً أمام أي أمل في التوصل إلى اتفاق يحقق التغيير الذي حلم به الشعب في 17 فبراير.

لم تتمكن ليبيا حتى الآن من صياغة دستور دائم وتشكيل مؤسسات دولة موحدة، بينما يستمر الصراع بين حكومتي الغرب والشرق رغم أن الأولى تحظى باعتراف دولي.

فراغ سياسي ودستوري في ليبيا

أدى إخفاق البرلمانيين في وضع دستور للبلاد إلى فراغ سياسي ودستوري، استغلته الثورة المضادة بقيادة الجنرال المدعوم من الإمارات خليفة حفتر قائد قوات شرق ليبيا.

وعمل خليفة حفتر على تقسيم المؤسسة العسكرية، وحاول السيطرة على الثروة النفطية ما أدى إلى انهيار الاقتصاد، واشتعال حروب أفقرت الشعب وتسببت في انتشار الفوضى في كافة أنحاء البلاد.

ووجد الليبيون أنفسهم في الوقت الحالي أمام حكومتين هما: حكومة الوحدة الوطنية “مدعومة دوليًا”، والحكومة التي يدعمها مجلس النواب بعد سنوات من الحروب والاشتباكات الدامية.

وشهدت ليبيا تقلبات سياسية واجتماعية عديدة أدت إلى تعاقب عدة حكومات على إدارة شؤون البلاد، بعضها لم يتم الاعتراف بها دوليًا.

التدخل الإماراتي في ليبيا

وكان التقرير السنوي للجنة العقوبات الدولية عام 2017 قد أكد خرق دولة الإمارات وبصورة متكررة نظام العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا، من خلال تجاوز حظر التسليح المفروض عليها.

قدمت أبوظبي للانقلابيين على الشرعية كحال دول عربية عدة مثل اليمن ومصر والسودان الدعم العسكري لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على أنها شحنات مواد غير قاتلة.

وأدى هذا الدعم لزيادة قدرات قوات حفتر الجوية التي كان لها الدور الأكبر في تزايد أعداد الضحايا في النزاع الدائر في ليبيا.

فشل في دخول طرابلس

ورغم دعم حفتر من روسيا والإمارات ومصر وتدخل قوات مرتزقة من فاغنر فشل الانقلابيون في دخول العاصمة طرابلس.

ولمنع استمرار دوامة العنف والحرب الداخلية توصلت الأطراف الليبية لتشكيل مجلس رئاسي بقيادة محمد المنفي، وحكومة الوحدة الوطنية الحالية بقيادة عبد الحميد الدبيبة.

لكن اندلعت خلافات متكررة بين حكومة الوحدة ومجلس النواب تسببت في عرقلة الانتخابات التي كانت مقررة نهاية العام 2021 وبقي الحال على ذلك حتى يومنا هذا.

وفيما كانت تستعد حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها أممياً للاحتفال بذكرى ثورة 17 فبراير/شباط، أعلنت الحكومة المكلفة من مجلس النواب إلغاء الاحتفالات الرسمية بحجة التضامن مع ضحايا العاصفة دانيال التي ضربت مناطق ومدن الجبل الأخضر وكان لهذه الحكومة دور كبير في سقوط الضحايا.

وكانت بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا تفاعلت مع ذكرى ثورة 17 فبراير بتغريدة جاء فيها: “تهنئ بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا الشعب الليبي بمناسبة ذكرى ثورة 17 فبراير وتظل ملتزمة بدعمه في سعيه لتحقيق مستقبل تملؤه الوحدة والسلم والإزدهار”.

__________________

مواد ذات علاقة