منذ عام 2011 وليبيا تعيش حالة ضياع سياسي وأمني واقتصادي واجتماعي، ولم تجد حتى الآن حلاً يعيد إليها الاستقرار والأمن والوحدة.. منذ ذلك الحين استهلكت نحو ثمانية مبعوثين دوليين، كان أولهم الأردني عبد الإله الخطيب، وآخرهم الحالي السنغالي عبدالله باتيلي.

كما عقدت سلسلة اجتماعات ومؤتمرات في العديد من العواصم والمدن، متنقلة بين برلين وباريس والقاهرة وأبوظبي والصخيرات المغربية وباليرمو الإيطالية وتونس، إضافة إلى اجتماعات لمجلس الأمن وقرارات صدرت عنه، في محاولة لإيجاد حل للأزمة الليبية وإخراج البلاد من حالة الانقسام والاقتتال، وصولاً إلى تسوية تسهم في إعادة الاستقرار وتحقيق المصالحة الوطنية من خلال حكومة وحدة وطنية وانتخابات ديمقراطية.

كل هذه الجهود فشلت خلال 13 عاماً من دون تحقيق إي اختراق، يمكن أن يسهم في تقديم حل توافق عليه الأطراف الليبية المتصارعة، أو يوقف التدخلات الخارجية التي تتكالب على الثروات الليبية النفطية التي توفر الدعم السياسي والعسكري لهذا الفريق أو ذاك، طمعاً بنفوذ أو حصة من الكعكة الليبية.

وإذ تستضيف تونس مجدداً على مدى يومين (أمس واليوم) في ضاحية قمرت بالعاصمة، جولة جديدة من المحادثات بين أعضاء من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وعدد من الشخصيات الفاعلة، ولجنة (6+6)، إضافة إلى المبعوث الدولي عبدالله باتيلي في محاولة متجددة لإخراج ليبيا من عنق الزجاجة، من خلال تقريب وجهات النظر حول تشكيل حكومة وحدة وطنية، تعد لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، فإن الآمال تبدو ضئيلة في الخروج من حالة الانسداد السياسي، لأن الأطراف الليبية المتصارعة في الشرق والغرب غير جدية في مواقفها تجاه وسائل التسوية، ومع ذلك فإن هناك بصيص أمل في تجسير بعض المواقف المتعارضة، خصوصاً أن جلوس هذه الأطراف مع بعضها، يعتبر خطوة إيجابية إذا ما تم استثمارها بالاتجاه الصحيح.

وكانت الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي قد جددت قبل أيام «التزامها القوي بعملية سياسية شاملة يقودها المبعوث الدولي وتسيرها الأمم المتحدة، وتُبنى على القوانين الانتخابية المحدثة والتي تمّكن من إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وطنية حرة ونزيهة وشفافة وشاملة في جميع أنحاء ليبيا في أقرب وقت ممكن»، كما أن المبعوث الدولي كان قد أكد في إحاطته أمام مجلس الأمن أن «الحل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا، يتمثل بتشكيل حكومة جديدة موحدة، ليست حكومة غرب أو شرق، وإنما حكومة كل الليبيين».

لكن هذه الأهداف كي يتم ترجمتها على الأرض، رهن بالتوصل إلى تسوية سياسية شاملة، وإلى مصالحة وطنية حقيقية، وإلى وضع حد للميليشيات العشائرية والجهوية التي تواصل خلق حالة من الفوضى في العاصمة طرابلس وخارجها، وإلى إنهاء الوجود العسكري الأجنبي الذي ينتقص وجوده من سيادة واستقلال ليبيا ويشكل عبئاً أمنياً، يحول دون توحيد مختلف القوى الأمنية الليبية.

لعل لقاء تونس يكون مختلفاً عن اللقاءات السابقة، ويفتح كوة من الأمل في مسار الأزمة الليبية التي تجاوزت الحد في تداعياتها الداخلية والإقليمية، خصوصاً أن هناك مخرجات للحل وضعت، وقرارات دولية اتخذت، وكل ما يحتاج إليه الأمر هو الصدق في المواقف، والتخلي عن المصالح الشخصية والمحاصصة المناطقية، وعدم استمرار المراهنة على الخارج.

________________

مواد ذات علاقة