بقلم مهاجر

نشرت الخبرالجزائرية حوارا مطولا مع رئيس حركة ”النهضة” في تونس، الشيخ راشد الغنوشي، تناول فيه مأزق الأزمة الراهنة في ليبيا، وجهود ومبادرة تونس والجزائر ومصر لوضع إطار إقليمي لحل الأزمة.

وفي إجابته لسؤال عن طبيعة زيارته إلى الجزائر ومدى صحة أن الملف الليبي هو المحور الرئيس لها، أكد الغنوشيان الملف الليبي كان بالفعل هو المحور الرئيسي للمباحثات مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، واستطرد قائلا اعتقد أن الأزمة الليبية في الوقت الحالي تمثل التحدي الأمني الأكبر للمنطقةوأضاف أن ليبيا بقدر ما تحمل آفاقا تنموية كبيرة للمنطقة، بقدر ما تحمل أخطارا كبيرة، إذالم يتم إطفاء الحريق الليبي بشكل سريع فإن كل المنطقة معرضة للخطر”.

وفي سؤال تال عن الهاجس المشترك بين دول الجوار بأن الأزمة في ليبيا، رغم كل الجهود التي بذلت في وقت سابق، تتجه إلى الانزلاق وليس إلى الحل، أجاب بشئ من التفصيل قائلا: “قابلت، الشهر الماضي، المبعوث الأممي إلى ليبيا، مارتن كوبلر، في روما الإيطالية، ووجدته يعيش حيرة كبيرة في معالجة هذا الملف، وأنا نصحته بجمع دول الجوار العربي لليبيا، الجزائر وتونس ومصر، باعتبارها الدول المعنية أكثر من غيرها بالوضع الليبي والمتضرر الأكبر من الأزمة، ويمكن أن تكون المستفيد الأكبر من استقرار الوضع في ليبيا، والمبادرة الجزائرية التونسية والمصرية يمكن أن تمثل إطارا للحل، وتحمل آفاقا له، باعتبار أن هذه الدول لم تتعاون من قبل لحل الأزمة، وكانت الجزائر تقوم بجهود منفردة وتونس بجهود منفردة ومصر أيضا، وهذه هي المرة الأولى التي تتعاون فيها الدول الثلاث، وتجتمع هذه الإرادات الثلاث على حل الأزمة والتصالح والوئام، خاصة وأن في الجزائر وتونس تجربة للتوافق الوطني والوئام المدني، لإطفاء الحرائق، واعتقد أن هذا النموذج يمكن أن يكون حلا للأزمة الليبية، وإطفاء الحريق الليبي وعودة الوئام المدني، ومن هنا يأتي الاستبشار بهذه المبادرة، وتأتي الحاجة إلى أن تتضاعف كل الجهود الرسمية والشعبية لحل الأزمة”.

وفي هذا الإطار الاستفسار عن مساهمته في جهود حل الأزمة الليبية، وضح الغنوشيبأن مساهمته مهمة على اعتبار أن علاقته مع الليبيين واسعة، على كل المستويات، سواء على مستوى الإسلاميين أو على مستوى النظام القديم.

وأفصح عن أن لقاءً تم بين أحمد أويحيى والشيخ علي الصلابي في هذا الإطار للبحث عن تسوية ليبية، وتعهد الشيخ الصلابي بأن يضع كل جهوده للترويج لهذه المبادرة، وإقناع كافة الأطراف الليبية بمسعى الوئام المدني.

كما أفصح في نفس المقابلة بأن إجتماع وزراء الخارجية الثلاثة، الجزائر وتونس ومصر في تونس سيمهد، إذا سارت الأمور كما هو مأمول ومنتظر، للتتويج بقمة تعقد في الجزائر بين الرؤساء الثلاثة.

طبعا من المعروف بأن الجزائر وتونس متوافقتان على أكثر من مستوى بشأن الأزمة الليبية، ولذلك طرح المحاور سؤالا عن إمكانية قبول مصر للمبادرة في ظل ارتباطاتها المعروفة. فقال الغنوشيبأن مصر من مصلحتها إطفاء الحريق الليبي، وهي متضررة من الأزمة الليبية، فعدد من رعاياها ذبحوا في ليبيا، وعدد كبير من اليد العاملة المصرية، ما يقارب المليون، غادروا ليبيا وعادوا إلى مصر، ولا أعتقد أن لمصر أو لأي طرف آخر مصلحة في أن تستمر الأزمة في ليبيا، عدا من يريد أن يبيع السلاح“. واستطرد قائلا: “أعتقد أن مصلحة دول الجوار العربي لليبيا في إنهاء الأزمة وعودة الاستقرار وليس العكس”.

تطرق الحوار إلى حقيقة أن مصر في ظل ظروف وملابسات نظامها السياسي لديها مشكلة مع الإسلاميين في ليبيا. فتحدث بإسهاب قائلا: “كافة الأطراف بدأت تقبل بحقائق الأمور، صحيح أن مصر لديها مشكلة مع الإسلاميين، ولا تريد لطرف إسلامي أن يكون طرفا في حل الأزمة الليبية، ولكن نحسب أن الجزائر نجحت في إقناع المصريين بأن أي معادلة حل في ليبيا لا ينبغي أن تقصي أحدا، والمسألة أن التجاذبات السياسية بين النظام والإسلاميين في مصر تبقى في مصر، لكل بلد منطقه وظروفه”.

ثم تحدث الغنوشيضمن أجابته عن بعض الأسئلة عن التجربة التونسية، عن ما أسماه بـ الإستثناء التونسيفقال: “أن الربيع العربي غرق في بحر من الفتن وتحول إلى برك من الدماء حتى صار عهد مبارك الآن مثلا في مصر أملا بعيد المنال، بينما تونس تنعم بالحرية بفضل الله وبفضل نجاح النخبة التونسية في إدارة الحوار بينهم وحل المشكلات حول طاولةولفت انتباه المحاور إلى أوضاع الشباب الليبي المعطوبفي تونس، فقال: “لك أن تذهب إلى بعض الفنادق التونسية والمصحات الخاصة سترى مظاهر مقضة للمضاجع وموجعة، ترى عشرات الشباب الليبي المعطوب الذي جاء للعلاج كضحايا حرب، هؤلاء جناية النخبة الليبية التي فشلت في إدارة الحوار بينها، والذي دفع الثمن هو الشباب والشعب الليبي، لكن النخبة التونسية لم تدفع الشباب التونسي إلى الحرب، ونجحت تونس وحلت مشكلاتها بالحوار وتنازل البعض للبعض، والنهضة تعتز بأن تكون أكبر من تنازل، حتى سمانا بعض الإخوة بدل النهضة حركة التنازلات، ونحن قلنا كما يقول المثل التونسي، لم تسقط في بطن عدو، ليس مهما لأننا تنازلنا لتونس ولأبناء وطننا ولأحزاب تونسية، المهم أن تونس ربحت، خسرنا السلطة لفترة لكن ربحنا الوطن”.

أثناء حديثة عن الوقت المحتاج لحل الأزمة، قال: “أحيانا تسأل الناس كم تحتاجون من وقت لحل الأزمة، وهذا ما قلته للأطراف في ليبيا، قلت لبعض الليبيين كم دفعتم من ثمن لأجل ما تطمحون إليه من أهداف، أحدهم قال لي دفعنا 10 آلاف ليبي، قلت دفعتم 10 آلاف ولم تصلوا إلى تحقيق أهدافكم، كم تحتاجون إذن وكم أنتم مستعدون لدفعه. يجب أن يقتنع الليبيون بأن ليبيا لكل الليبيين، إسلاميين وديمقراطيين وقذافيين وغيرهم”.

___________

المصدر: حوار الخبرالجزائرية مع الشيخ راشد الغنوشي

مواد ذات علاقة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *