يوثق تقرير منظمة العفو الدولية لعام 17/2016 حالة حقوق الإنسان في العالم خلال عام 2016. وتشكل المقدمة والنظرة العامة على الأقاليم الخمس، والاستعراض المسحي لحالة حقوق الإنسان في 159 بلدا ومنطقة، شهادات على المعاناة التي كابدها العديد من البشر، سواء بسبب النزاعات أو النزوح أو التمييز أو القمع.

كما يبين التقرير أن تقدما لا يستهان به قد أُحرز في بعض المجالات على طريق صون حقوق الإنسان وضمان احترامها. وفي الوقت الذي بذلنا فيه كل جهد ممكن لضمان دقة المعلومات الواردة في التقرير، فإن هذه المعلومات يمكن أن تخضع للتغيير دون سابق أخطار.

***

الإفلات من العقاب

استمرت ظاهرة الإفلات من العقاب؛ برغم أن النائب العام الليبي أبلغ المحكمة الجنائية الدولية، في يناير/كانون الثاني، بإصدار مذكرات قبض على ثلاثة موظفين متهمين بتعذيب الساعدي القذافي في الحجز. ولم يتضح ما إذا كان المتهمون قد قُبضَ ً عليهم ولوحِقُوا قضائيا، إلا إنه وردت أنباء تفيد بأن مدير سجن الهضبة، الذي كان قد أوقِف عن العمل بعد تعرض الساعدي القذافي للتعذيب أُعيد إلى، منصبه.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني، التزمت المحكمة الجنائية الدوليةبمنح أولوية في تحقيقاتها لعام 2017 للجرائم التي تحدث في ليبيا، بما في ذلك الجرائم التي ترتكبها الدولة الإسلامية، وغيرها من الجماعات المسلحة، وإصدار مذكرات قبض جديدة. غير أن المحكمة لم تبدأ أي تحقيقات جديدة في عام 2016 ،متعللة ببواعث قلق أمنية وعدم كفاية الموارد.

واستمر احتجاز سيف الإسلام القذافي، الذي أصدرت المحكمة الجنائية الدوليةمذكرة بالقبض عليه فيما يتصل بجرائم ضد الإنسانية زُعِم ارتكابها خلال نزاع عام 2011 ،على أيدي إحدى الميليشيات في الزنتان.

ولم تنفذ أي من أطراف النزاع أيا من البنود المتعلقة بحقوق الإنسان الواردة في الاتفاق السياسي الليبيالذي توسطت الأمم المتحدة في التوصل إليه في ديسمبر/كانون الأول 2015 ،بما في ذلك البنود التي تلزمها بالإفراج عن المعتقلين المحتجزين دون سند قانوني.

النازحون داخليا

بحلول أغسطس/آب، كان عدد النازحين داخليا في ليبيا قد ارتفع إلى ما يقرب من 350000 شخص، وفقا ُ للمنظمة الدولية للهجرة“. ومن بين هؤلاء ما يقَدر بقرابة 40000 شخص كانوا يقيمون في تاورغاء وأخلوا قسرا من ديارهم قبل خمس سنوات. وفي أغسطس/آب، توصل ممثلون لمصراتة وتاورغاء إلى اتفاق مصالحة يهدف إلى تسهيل عودتهم إلى البلدة.

وفر أغلب سكان سرت المدنيين من المدينة وقت هجوم حكومة الوفاق الوطنيعلى الدولة ً الإسلامية، في مايو/أيار. وسبب القتال أضرارا واسعة النطاق لكن بعض السكان تمكنوا من العودة. وسَّبب النزاع في بنغازي، والقتال القبلي في جنوب ً ليبيا كذلك، نزوحا للسكان.

حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات

استمر تعرض المدافعين عن حقوق الإنسان، والنشطاء السياسيين وغيرهم من النشطاء، والصحفيين للمضايقة، والاختطاف، والتعذيب، والقتل على أيدي الجماعات والميليشيات المسلحة.

وفي مارس/آذار، قُتٍلَ ناشط حقوق الإنسان عبد الباسط أبو دهب في تفجير سيارة ملغومة في درنة على أيدي مهاجمين مجهولين. وفي الشهر نفسه، نهب أعضاء جماعة مسلحة مكاتب محطة تلفزيون النبأفي طرابلس، واعتدوا على الصحفيين، وفي المرج بشرق ليبيا، اختطف مسلحون المدون والصحفي علي العسبلي وأطلقوا سراحه بعد أربعة أشهر.

وفي أغسطس/آب، اختطف أعضاء جماعة مسلحة صحفي محطة تلفزيون الأحرارأبو بكر البيزنطي لفترة قصيرة في طرابلس، بعد أن انتقد وجود الجماعات والميليشيات المسلحة في العاصمة.

وتعرض الأشخاص الذين شاركوا في تجمعات عامة ومظاهرات للاعتداء. وفي مايو/أيار، أطلق مهاجمون مجهولون قذائف هاون على محتجين كانوا يتظاهرون في ساحة الكيش في بنغازي، وهو ما أدى إلى مقتل ستة مدنيين.

نظام العدالة

ظل نظام العدالة في حالة انهيار مع عجز المحاكم عن نظر قضايا آلاف المحتجزين الذين لم يحاكَموا، ويرجع بعضها إلى عام 2011 . واستمر احتجاز آلاف المعتقلين دون محاكمة في السجون ومنشآت الاحتجاز الرسمية، وفي سجون غير رسمية تديرهاالجماعات المسلحة. وأفُرج عن بعض المعتقلين بموجب قرارات عفو، ومن بينهم 17 رجلا كانوا محتجزين في مصراتة، وأُطلقَ سراحهم في مارس/آذار.

واستمر تأجيل محاكمة الساعدي القذافي، بينما ً ظل محتجزا في سجن الهضبة بطرابلس. وفي إبريل/نيسان، أعلن فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفيأن احتجازه هو و11 آخرين من مسؤولي عهد القذافي السابقين تعسفي، وبلا سند قانوني.

ولم تكن المحكمة العليا قد راجعت، في نهاية ِ العام، أحكام الإعدام التي فُرضَت على سيف الإسلام القذافي، وعبد الله السنوسي، وسبعة مسؤولين سابقين آخرين في عام 2015.

التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة

استمر تفشي التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة على نطاق واسع مع تمتع مرتكبيه بالحصانة من العقاب، لاسيما عند القبض أو الاختطاف، وخلال الاحتجاز في السجون الرسمية وغير الرسمية.

وتدهورت الأوضاع في السجون الرسمية، ومن بينها الهضبة، والبركة، وغيرها؛ حيث يُحتَجز سجناء من بينهم مسؤولون كبار سابقون من عهد القذافي. وأدى نقص الرعاية الصحية والغذاء إلى تدهور صحة كثير من النزلاء، بينما ورد أن التعذيب يُستَخدم لعقاب النزلاء.

حقوق اللاجئين والمهاجرين

تعرض اللاجئون والمهاجرون لانتهاكات جسيمة على أيدي الجماعات المسلحة، والمهربين والمتاجرين بالبشر، والحراس في مراكز الاحتجاز التي تديرها الحكومة.

وقالت المنظمة الدولية للهجرةفي أكتوبر/تشرين الأول إنها تحققت من وجود 276957 مهاجرا في ليبيا، لكنها أفادت بأن تقديراتها تشير إلى أن العدد الحقيقي بين 700000 ومليون مهاجر.

وسجلت المفوضية السامية لشؤون اللاجئينً التابعة للأمم المتحدة 38241 لاجئا بحلول نهاية العام. َ

واستمرت أحكام القانون الليبي التي تُجِّرُم الأجانب الذين يدخلون البلاد، أو يقيمون فيها، أو يغادرونها بطريقة غير نظامية. واعتُقِلَ كثير من المهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء أو الأشخاص الذين يُشتَبُه بأنهم مهاجرون غير نظاميين، أو طالبو لجوء، عند نقاط التفتيش، وفي مداهمات للمنازل، أو أبلغ أرباب عملهم السلطات بشأنهم. واحتُجزَ الآلاف ً لآجال غير محددة انتظارا لترحيلهم في منشآت جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية“. وبرغم أن هذه ً المنشآت تابعة رسميا لوزارة الداخلية فقد كانت ً تديرها، غالبا، جماعات مسلحة خارج نطاق السيطرة ِ الفعالة لحكومة الوفاق الوطني“. واحتُجزَ المعتقلون في هذه المنشآت في ظروف بالغة التدني، وكانوا عرضة للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة على أيدي الحراس، بما في ذلك الضرب، وإطلاق النار، والاستغلال، والعنف الجنسي.

وأفادت المفوضة السامية لشؤون ً اللاجئينالتابعة للأمم المتحدة بأن هناك 24 مركزا لاحتجاز المهاجرين في شتى أنحاء ليبيا. ً

وفي 1 إبريل/نيسان، قتل الحراس رميا بالرصاص أربعة أشخاص على الأقل كانوا يحاولون الهرب من مركز النصر لاحتجاز المهاجرين في الزاوية. وسعى آلاف اللاجئين، وطالبي اللجوء، والمهاجرين إلى الفرار من ليبيا وعبور البحر المتوسط إلى أوروبا في زوارق غير صالحة للإبحار يوفرها مهربو البشر. وتفيد تقديرات الأمم المتحدة بأن ً 5022 شخصا لاقوا حتفهم أثناء محاولة عبور البحر المتوسط من شمال أفريقيا حتى نهاية العام، وأبحر أغلبهم انطلاقا من شواطئ ليبيا.

وجدد الاتحاد الأوروبي في يونيو/حزيران مهمة مكافحة التهريب التي تقوم بها قواته البحرية والمعروفة باسم عملية صوفيا، ووسع تكليفها ليشمل تدريب خفر السواحل الليبي، وهو ما بدأ في أكتوبر/تشرين الأول. واعترض خفر السواحل الليبي آلافا ممن حاولوا عبور البحر المتوسط، وأعادهم إلى ِ ليبيا حيث احتُجزُوا لأجل غير محدد في منشآت الاحتجاز التابعة لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية“.

وارتكب خفر السواحل في بعض الأحيان انتهاكات، من بينها إطلاق النار على الزوارق وتركها في البحر، وضرب المهاجرين واللاجئين على متن زوارقه وعلى الشاطئ. وأفادت المفوضية السامية لشؤون اللاجئينالتابعة للأمم المتحدة بأن خفر السواحل الليبي اعترض أو أنقذ أو اعترض وأنقذ ما يزيد على 13308 أشخاص، بحلول 18 ديسمبر/كانون الأول.

وتعرض اللاجئون، وطالبو اللجوء، والمهاجرون لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على أيدي عصابات إجرامية، بما في ذلك الاختطاف، والابتزاز، والعنف الجنسي، والقتل. وقامت الدولة الإسلاميةكذلك باختطاف لاجئين ومهاجرين، وأرغمت بعضهم على اعتناق الإسلام، واعتدت ً جنسيا على المهاجرات واللاجئات، وورد أنها أخضعت بعضهن للزواج القسري.

وفي أكتوبر/تشرين الأول، أفادت المنظمة الدولية للهجرةبأن 71 في المائة من المهاجرين الذين سلكوا طريق وسط البحر المتوسط من أفريقيا إلى أوروبا، قالوا إنهم تعرضوا لممارسات تُعُّد من قبيل الاتجار بالبشر، حيث تعرض 49 في المائة للاختطاف والابتزاز في ليبيا.

حقوق المرأة

استمر تعرض النساء للتمييز في القانون وفي الواقع العملي وللتهميش اجتماعيا ً ، وسياسيا، ً واقتصاديا. وتتضمن مسودة مشروع الدستور التي َ نُشِرت في إبريل/نيسان أحكاما تضمن للمرأة 25 في المائة من مقاعد مجلس النواب والمجالس المحلية ً لمدة 12 عاما.

وفرضت الدولة الإسلامية، وبعض الجماعات المسلحة الأخرى في سرت، وغيرها من المناطق التي تسيطر عليها تطبيق، تفسيراتها الخاصة للشريعة التي تقيد حرية المرأة في التنقل واختيار زيها، وورد أنها أباحت ممارسة زواج الأطفال. وقامت الجماعات المسلحة كذلك بتهديد ومضايقة النساء المشاركات في النشاط العام.

عقوبة الإعدام

استمر العمل بعقوبة الإعدام بالنسبة لنطاق واسع من الجرائم؛ ولم يرد ما يفيد بتنفيذ أي أحكام بالإعدام

__________________

مواد ذات علاقة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *