اختتمت جلسات الدورة التاسعة من الجامعة الصيفية لمنبر الحرية، التي عقدت في الرباط خلال الفترة (9-14 سبتمبر 2017) بشراكة بين مشروع منبر الحرية ومؤسسة هانس سايدل الألمانية. وقد نظمت هذه الدورة تحت شعار “أي دور للطبقة المتوسطة وريادة الأعمال بعد الحراك العربي؟”.

وأبرزت المداخلات حساسية الظرفية السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها العالم العربي خاصة أمام شراسة وضراوة الثورات المضادة ومعاناة الطبقة الوسطى من اقتصاديات هشة وتراجع منسوب الحرية.

واعتبر بعض المتدخلين أن القطاع العام فاشل وعاجز عن إعادة بناء الاقتصاديات العربية فيما ظهرت الحاجة ماسة إلى إعادة بناء المجتمع المدني العربي على أسس سليمة.

وهذا ملخص لأهم المداخلات في الندوة:

المثقف السلطة والحرية

وفي هذا الصدد توقف الدكتور شفيق الغبرا البروفيسور الكويتي عند مفهوم الثورة والثورة المضادة، حيث تراجع الزخم الثوري للحراك العربي منذ عام ٢٠١١ ودخل العالم العربي في مرحلة جديدة لازالت تفاعلاتها مستمرة بلا انقطاع بعد أن نجحت ثورات الربيع العربي في تغيير عدد من القادة والنخب السياسية العربية.

واعتبر الغبرا، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت أن عام ٢٠١١، يشكل لحظة فارقة في التاريخ العربي الحديث، غير أن هذه اللحظة سرعان ما واجهتها وبضراوة قوى الثورة المضادة العربية. فمنذ ٢٠١٣ بالتحديد دخل العرب في زمن هو بين الثورة والثورة المضادة، مما أنتج تراجعا كبير في الزخم الثوري للربيع العربي.

وتوقف الغبرا في مداخلة ثانية عند ثلاثية الحرية والمثقف والحراك العربي. واعتبر ذات المتحدث أن مفهوم الحرية دخل في مرحلة جديدة بفعل الربيع العربي وصار مطلبا شعبيا ومجتمعيا وإن اختلفت حوله التصورات. وحول هذا المفهوم، قال الغبرا بأنه أكبر من أن يتم اختزاله في تعريف جامع مانع.

فالحرية تعني الكثير من الأمور لكل فرد، فهي للبعض حقه في قول رأيه أمام السلطات وتجاه حرمانه من حقوقه والاعتداء على كرامته، وهي تعني للمعارض حقه في المعارضة والبقاء في بلاده وعدم الانتقال إلى المنفى، وهي تعني لآخر أن يقول رأيه ويبقى خارج السجن ولا يعاني من تمييز في وظيفة ولا يفصل من عمل

 وأضاف الغبرا أن الحرية تعني بالنسبة للآخرين حق المشاركة وتشكيل حكومة وأحزاب وصحف حرة.وفي علاقة بالحرية توقف الغبرا عند مفهوم المثقف معتبرا بأن من إحدى خصائصه التمتع بالفكر الحر النقدي وقدرته على الانفصال عن الخطاب الرسمي.

النساء أكبر ضحايا الهشاشة

ومن جهة أخرى قدمت أمال قرامي، أستاذة الإنسانيات بجامعة منوبة بتونس، قراءة في ظاهرة تأنيث الفقر في مرحلة الانتقال الديمقراطي.

وقالت المحاضرة أن المجتمعات العربية مرت بتحولات سياسية من أجل بناء مسار ديمقراطي وتغيرات سوسيو اقتصادية متعددة ترتبت عنها نتائج لعل أهمها اتساع الفجوة بين الطبقات، وهو أمر شكل تهديدا مباشرا للطبقة الوسطى بشكل خاص فضلا عن اتساع دائرة الفقر بسبب تعاقب الأزمات وعجز الأنظمة السياسية الجديدة عن ايجاد سياسات بديلة تناسب المرحلة. ولمّا كانت النساء الكادحات من أكثر الفئات عرضة للهشاشة الاقتصادية فقد ازدادت أوضاعهن سوءا وكنّ ‘ضحايا’ هذه السياسات الفاشلة. وحول أسرع الطرق للنهوض باقتصادات البلاد العربية، تقول ذات المتحدثة.

القطاع العام فاشل ولا يمكن التعويل عليه

اعتبر الباحث السوري مازن ديروان أن الإنفاق الحكومي الكبير لا يمكن أن يشكل أساس بناء الاقتصادات العربي المنهارة.

 وقال المحاضر أن رفع المستوى المعيشي للمواطنين وتخفيض البطالة بأسرع وقت ممكن رهين بتوفير بيئة سليمة للمبادرة الحرة في ظل دولة الحق والقانون. وأضاف المتحدث أن المقاربات التدخلية تبقى لا إنسانية وهي تسرق عرق الناس باسم الحماية الاجتماعية. وتابع ديروان، لكي تدور عجلة الاقتصاد بأسرع وقت ممكن يجب أن يتم إنجاز البنى التحتية بأسرع وقت ممكن و بأعلى جودة لتسهيل عودة القطاعات الإنتاجية من زراعة وصناعة وتجارة وسياحة للحركة بأعلى كفاءة ممكنة .

وهنا يقول ديروان يمكن لرواد الأعمال القيام بالنهوض الاقتصادي، بدقة و كفاءة ويضيف بأنه “حتى في أيام الخير كان و مازال أداء القطاع العام أكثر من متواضع، إن لم نقل فاشل وبالتالي لا يمكن التعويل عليه في تنفيذ هذا الكم من المشاريع”.

 الحاجة إلى إعادة بناء المجتمع المدني

وتوقفت أستاذة العلوم السياسية بجامعة بن زهر، إكرام عدنني، في ورشة الحقوق والحريات والمجتمع المدني عند أهمية دور المجتمع المدني في تمتين الروابط المجتمعية وتقوية المجتمع ونشر ثقافة العطاء ومساعدة الآخر وترسيخ قيم الإنسانية، مع التأكيد على أن ذلك يعد ضرورة من ضرورات بناء الدولة الحديثة لأنه يساعد على تحقيق الأمن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وخدمة المواطن.

وأشارت المتدخلة إلى دور المجتمع المدني في مواجهة الأنظمة الاستبدادية وكبح جماحها، لأنه مرتبط بقيم الحرية ولذلك فإن النظام السياسي إذا أراد تقييد الحريات فإنه يعمل على إضعاف مؤسسات المجتمع المدني، لأنها تشكل بشكل أو بآخر حماية للعديد من فئات المجتمع وأحيانا كثيرة حماية لها اتجاه السلطة نفسها.

وأضافت عدنني “تحتاج دول المنطقة وخاصة دول ما بعد الحراك العربي إلى إعادة بناء النظام المدني وإعادة هيكلة مؤسسات المجتمع المدني، وخاصة وأن الأنظمة الاستبدادية ساهمت في تدمير هذا النظام تماما، ولا يجب أن تعول هذه الدول اليوم على الحكومة للقيام بهذا الدور.

____________

مواد ذات علاقة