بقلم مي المهدي وكمال الضيف

 يوم 7 نوفمبر الجاري، تطرق ماتيو غالتييه، مراسل صحيفة لوتون” (تصدر بالفرنسية في لوزان) العائد من مدينة صبراتة إلى ما وصفها بـ اللعبة الخطيرة لإيطاليا في ليبيا،

حيث وُجّهت اتهامات لرئيس جهاز المُخابرات الإيطالي بإبرام اتفاق مالي في الربيع الفائت مع أحمد الدبّاشي، الشهير بـ عمّو، الذي يتزعم واحدة من أهم شبكات الإتجار بالبشر في ليبيا من أجل أن يقوم هذا الأخير بوقف تجارته وتجارة منافسيه الإقليميين.

المراسل نقل على لسان مسؤول رفض الكشف عن هويته تابع لغرفة عمليات صبراتة، المؤيدة لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس (التي تحظى باعتراف المجموعة الدولية) والعدو الرئيسي للدباشي، أن إيطاليا وعدت بدفع خمسة ملايين أورو كل ثلاثة أشهر. وقد تم إنجاز أول صفقة خلال الصيف على متن سفينة عرض المياه الدولية، على حد زعمه.

هذه السياسة الواقعية، تضيف الصحيفة، كانت لها نتائج استثنائية، فقد تراجع عدد المهاجرين القادمين إلى إيطاليا انطلاقا من ليبيا بحوالي 50% في شهر يوليو الماضي وبـ 87% في شهر أغسطس الفائت. مع ذلك، وبغض النظر عن الشكوك التي تُحيط بمدى الأخلاقية التي تتسم بها هذه السياسة، فقد كان الإتفاق السبب الرئيس وراء اندلاع حرب استمرت ثلاثة أسابيع (من 17 سبتمبر إلى 6 أكتوبر) أسفرت عن سقوط 30 قتيلا وإصابة 170 بجروح وشهدت مواجهة بين قوات تابعة لحكومة الوفاق الوطني وبين الدباشي وكتيبة 48 المتحالفة معه أدت إلى هزيمته (أي الدباشي) واضطراره لمغادرة صبراتة وتوقف شبكة التهريب التي كان يُديرها عن العمل.

في السياق، ذكّر مراسل الصحيفة بأن الإتحاد الأوروبي أعطى إيطاليا ما يُشبه صكا على بياض لتسوية مشكلة المهاجرين وبأن بروكسل منحت روما 53.3 مليون فرنك سويسري لمساعدة ليبيا على حماية حدودها.. لكنه تساءل: هل استُخدمت هذه الموارد لدفع مبالغ إلى الدباشي؟ وهل كان الأمر يستحق كل هذا العناء؟

في هذا الصدد، يعترف اللواء أيّوب قاسم، المتحدث باسم القوات البحرية الليبية، بأن المساعدة الإيطالية حقيقية.. لكنها ليست في المستوى. فنحن بحاجة إلى سفن جديدة لاعتراض زوارق المهاجرين الذين يُرافقهم الآن رجال مُسلحون على متن قوارب سريعة، أي أن خروج الدباشي من اللعبة أدى إلى دخول شبكات أخرى على الخط“.

ففي يوم 31 أكتوبر الماضي، اكتشفت السلطات الليبية إثر إيقافها لزورقين مطاطيين يُقلان على متنهما 299 مهاجرا أن مكان انطلاقهما كان شواطئ زليتن الواقعة على بعد 180 كيلومترا شرق العاصمة طرابلس، ما يعني أن انتصار صبراتة انتصار مُزيّف، فعمليات التهريب ستُستأنف كما كان الحال في السابق منذ العام المقبل حالما يأتي الموسم (الصيف والخريف)”، كما يتكهن شكري فطيس الذي شارك مؤخرا في إعداد تقرير عن الهجرة غير القانونية في ليبيا.

مراسل صحيفة لوتونخلُص إلى أن الإستراتيجية التي انتهجها وزير الداخلية الإيطالية ماركو مينّيتي سمحت بـ تسديد ضربة إلى عش دبابير شبكات تهريب البشر لكنها لم تُسفر عن وضع حد للظاهرة“. في المقابل، هناك احتمال كبير بأنها قد تكون أدخلت اضطرابا مستديما على التوازن السياسي في البلاد“. 

***

مي المهدي ـ صحافية، التحقت بـ سويس إنفو في عام 2017. عملت من قبل في عدد من المؤسسات الاعلامية كدويتشه فيله والجزيرة وبي بي سي. حاصلة على بكالوريوس وماجستير العلوم السياسية من جامعة برلين.

كمال الضيف ـ صحافي، رئيس القسم العربي (سويس إنفو) منذ عام 2003. متحصل على شهادة مهندس من جامعة نابولي الإيطالية، ومتخرج من معهد الصحافة وعلوم الإتصال بجامعة فريبورغ السويسرية.

______________

مواد ذات علاقة