بقلم عبد الفتاح الشلوي

انتهت ولاية المؤتمر الوطني العام بانتخاب أعضاء مجلس النواب، وكانت الاستعدادات تجري على قدمٍ وساق، لإجراء مراسم التسليم والتسلم بين المؤتمر الوطني المنصرف ومجلس النواب المنتخب،

ثمة انقسام طال مكتب رئاسة المؤتمر الوطني، جراء انتخاب أحمد معيتيق رئيسًا للحكومة، وحكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا ببطلان انتخابة، أصدر رئيس المؤتمر القرار رقم 56 لسنة 2014م بشأن مراسم التسليم والتسلم بين الجسمين التشريعيين، أوكل بموجبه لرئيس ديوانه أن يعلن عن مكان انعقاد الجلسة،

في تلك اللحظات أصدر عزالدين العوامي النائب الأول لرئيس المؤتمر رسالة لرئيس الديوان بعقد الجلسة بمدينة بنغازي، كان عبد الله المصري بين قرارين صادرين من ذات الرئاسة، وإن كانت رسالة الرئيس تعلو رسالة نائبه، إلا أن رسالة الثاني أربكت المشهد، وأدت لخلط الأوراق، أو إنها زادتها خلطًا بتعبيرٍ أدق، كانت الأمور تسير علي هذا المنوال، وهذه الحيرة،

غير أن الكلمة لم تكن لهذا ولا إلى ذاك، عضو مجلس النواب وأكبرهم سنًا يعلن أن الجلسة ستكون بمدينة طبرق، وهو من سيستلم من النائب الثاني لرئيس المؤتمر، وهو أيضًا من سيدير الجلسة الافتتاحية، باعتباره الأكبر سنًا، وفقًا للإعلان الدستوري المؤقت، ومخرجات لجنة فبراير.

يوم الأحد الثالث من شهر أغسطس 2014م، اليوم الذي يسبق احتفالية التسليم بالعاصمة طرابلس، هاتفني رئيس المؤتمر الوطني نوري أبوسهمين، وطلب من ثلاثتنا نحن أعضاء المؤتمر الوطني ( جلال حسن، منصور الحصادي، عبد الفتاح الشلوي) أن نطلع على نص الخطاب الذي سيلقيه الرئيس صبيحة الغد بالاحتفالية، التقينا ببيت النائب الثاني للرئيس نوري بوسهمين، صالح المخزوم، وأطلعنا علي فحوى الخطاب، ونص الرسالة الموجهة لأبوبكر بعيرة إيذانا بانتهاء ولاية المؤتمر، واستلامه رئاسة مجلس النواب كونه الأكبر سنًا.

الإثنين الرابع من أغسطس 2014م، قاعة الاحتفالات بفندق “ريكسوس” مقر المؤتمر الوطني كل شئ فيها ينبئ عن عملية التسليم ، إعداد القاعة، “بوست” كبير 4×6م يحمل دلالة الحدث، مراسوان وقنوات إعلامية، بعض أعضاء السلك السياسي، وإن كانوا ليسوا بزخم احتفالية التسلم من المجلس الوطني الانتقالي، عدد من أعضاء المؤتمر، وآخرين من أعضاء مجلس النواب المنتخب،

بالأمس واليوم، لم تنقطع الاتصالات بين المؤتمر ومجلس النواب المنتخب، الأول يريد التروي وإقامة الاحتفالية بالعاصمة، وعقد جلسة افتتاحية صحيحة، تمشيًا مع ما نص عليه الإعلان الدستوري، ومخرجات لجنة فبراير، ولقد بذل عمر حميدان الناطق الرسمي للمؤتمر جهودًا كبيرة، في محاولة منه لإقناع بعضًا من أعضاء مجلس النواب بأن تعقد جلستي التسليم والافتتاحية في موعدها بالعاصمة.

كنا بقاعة الاحتفالية، وننتظر الرئيس حتى منتصف ذلك اليوم، وقد تأخر عنا، علمنا بعدها أن الطريق قد قفل بين الزاوية وطرابلس، وصل الرئيس علي متن طائرة بمفرده، وحينها وصل إلينا خبر عقد الجلسة بمدينة طبرق، وعندها انقسم الحاضرون بين مؤيد وموافق لجلسة طبرق، وكان علي رأسهم نوري أبوسهمين، غير أن بعض القانونيين من أعضاء المؤتمر وأعضاء مجلس النواب، رفضوا الإقرار بصحة الجلسة، ودارت نقاشات حادة، استمرت لصلاة العصر، انتصر فيها الفريق الرافض للإقرار بصحة الجلسة، رغم أن الرئيس ومن يرى برؤيته قد حاولوا إقناع مناظريهم بترك الأمور لما آلت إليه، وأن هذه الأمور شكلية لا يُعول عليها خاصة وأن الظروف العامة بالبلاد تكب كلها في تأييد هذه الفكرة، غير أن القانونيين ومن والاهم كانوا الأعلى صوتًا، والأكثر بلاغة وحجة بدفوعهم القانونية، فكانت لهم الغلبة، وأصدرت رئاسة المؤتمر الوطني بيانًا رفضت فيه الاعتراف بصحة الجلسة، ومخالفتها للإعلان الدستوري، ولمخرجات لجنة فبراير، ولرسالة رئيس المؤتمر رقم 56 لسنة 2014م بالخصوص، وهددوا باللجوء للقضاء، وتحديدا الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا،

وعلى ذكر ذلك فقد أفضى إليّ الرئيس نوري أبوسهمين أن المستشار كمال دهان رئيس المحكمة العليا كان من المقرر أن يحضر مراسم التسليم بطرابلس، تكملةً ” للبروتوكولات ” المعهودة في مثل هذه الحالات، وحدثني أيضًا أنه اتصل به النائبان عن مدينة بنغازي، علي بوزعكوك، وسعد الجازوي، وكانا باستضافة عبد الله المصري رئيس ديوان المؤتمر المكلف بالإشراف علي الاحتفالية، وناقشا معه الإجراءات الكفيلة بإنجاح مراسم التسليم، وأردف أن عضو المؤتمر الوطني محمد المنفي قد دعاه للمجئ لمدينة طبرق والمشاركة باحتفالية التسليم المزمع إجرائها هناك، وقطع وعدًا شخصيًا بالتكفل بأموره الأمنية وحمايته، بالتعاون مع قبائل المنطقة.

آلت الأمور لما آلت اليه، وتم الطعن بالمحكمة العليا، وأصدرت الدائرة الدستورية حكمها والذي لم يتوافق على مضمونه وحيثياته الخصوم السياسيين في ليبيا، وهاهي الأنباء ترشح عن عقد جلسة لمجلس النواب هنا أو هناك، وكل الأماكن واردة ، لكنها بالعاصمة طرابلس الأكثر ترجيحًا، وبدون حضور رئيس البرلمان، والذي قد تطيح بمقعده وكرسيه في ذات الوقت،

يبدو أن العاصمة كانت موضع الخلاف، وربما تكون موضع الاتفاق، ولا أستبعد أنه سينطلق منها مشهدًا “درامتكيًا” لتكملة جرائر عقد الجلسة بمدينة طبرق تعنتًا وبقيادة المتطلع لاستعادة مكانه المفقود، والذي يراه الأجدر به كرسي الرئاسة، فهل أصبح معارض العمل بالعاصمة الأكثر شوقًا للعمل بها، بعد أن ضاق بممارسات رئيسه بمجلس النواب وتفرده بالقرار ولادةً وتنفيذًا، قبولاً ورفضًا، الأيام ستبين لنا ذلك، وللدكتور بوبكر بعيرة.

***

عبد الفتاح الشلوي ـ عضو المؤتتمر الوطني العام السابق

 ___________

مواد ذات علاقة