مبادئ الدستور .. مع عرض لما تضمنه مشروع الدستور الليبي

بقلم هشام زكاغ

يقدم هذا الكتاب عرضا تحليليا ومختصرا لمبادئ الدستور، ولما يتضمنه مشروع الدستور الليبي الصادر.

وهو يهدف للإسهام في التوعية الدستورية التي تشكل أحدى الأولويات المرتبطة باستحقاق الاستفتاء الدستوري فالحكم على مخرجات المشروع واتخاذ مواقف منها يتطلب ابتداءً فهما جادا وحوارا متأنيا حول موضوعات الدستور المختلفة وكيفية تناولها في المشروع المقترح من الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور.

يتضمن الكتاب قسمين، يتناول أولهما دراسة الأساسية الأولى لفهم الدستور مع قراءة لتلك المفاهيم والمبادئ ضمن مشروع الدستور الليبي.

أما القسم الثاني فيتضمن استعراضا للمضامين الأساسية للدساتير وكيف تعرّض مشروع الدستور الليبي لتلك المشتملات.

ختاما، تُمثل المعرفة الدستورية الزخم والإلهام الكفيلين بمنح الاستحقاق الدستوري إيمانا لدى المواطنين. وهو الإيمان الذي يجعل الدستور آكثر صمودا واستقرارا.

القسم الثاني

مشتملات الدستور مع قراءة لأهم ما تضمنه مشروع الدستور الليبي

أولا: مقدمة الدستور

1ـ المبادئ العامة في مشروع الدستور الليبي

شكل الدولة ومقوماتها الأساسية

في مشروع الدستور الليبي جاءت المبادئ العامة في الباب الأول تحت مسمى شكل الدولة ومقوماتها الأساسية، وقد تضمن هذا الباب 30 مادة، تناولت أحكاما مختلفة تتعلق بموضوعات رأي مشروع الدستور أنها من المقومات الأساسية التي تقوم عليها الدولة الليبية، كالهوية واللغة والعاصمة ومصدر التشريع والجنسية والعلاقات الدولية والضرائب والزكاة والأوقاف والأسرة والشباب.

وفيما يلي عرض لبعض الأحكام الواردة في هذا الباب:

  • وحدة الدولة واستقلالها وسيادتها تحت مسمى الجمهورية الليبية.

  • الهوية الليبية الجامعة لكل مكونات الشعب الليبي وتنوعهم الاجتماعي والثقافي واللغوي.

تعتبر اللغات العربية والأمازيغية والتارقية والتابوية تراثا ثقافيا ولغويا ورصيدا مشتركا لكل الليبيين. واعتبر المشروع أن اللغة العربية هي لغة الدولة، ولم يلحق بها وصف الرسمية. وأحال إلى القانون أن ينظم في أول دورة برلمانية تفاصيل إدماج اللغات الأخرى في الحياة العامة. أما نطاق هذا الإدماج فيشمل المستوى المحلي ومستوى الدولة كما يشير مشروع الدستور.

  • الإسلام دين الدولة، والشريعة الإسلامية مصدر التشريع

  • تنظم أحكام الجنسية الليبية كيفية اكتسابها وسحبها بقانون، يراعى فيه اعتبارات المصلحة العامة، والأمن، والمحافظة على التركيبة السكانية وسهولة الإدماج في المجتمع الليبي.

  • المعاهدات والاتفاقيات الدولية المصادق عليها تكون في مرتبة أعلى من القانون وأدنى من الدستور

ثانيا: الحقوق والحريات

1ـ ما هي الحقوق والحريات

تشير عادة فكرة حقوق الانسان إلى تلك الضمانات المتصلة بوجود وكرامة الإنسان وسلامته، وتثبت له إنسانيته، وهي تمثل المعايير الأساسية التي لا يمكن للناس أن يعيشوا من دونها . أما فكرة حقوق الإنسان فهي سابقة لوجود الدولة والدستور.

أما مصطلح الحريات العامة فيرتبط أكثر بالقانون والدولة، ويتم تنظيمها عادة بموجب قوانين وضعية كحرية تشكيل الأحزاب.

2ـ حقوق الإنسان في الدساتير

تعمل التضمينات الحقوقية في إطار الدساتير على تثبيت مكتسبات الشعوب وضمان حمايتها، وتكتسي هذه التضمينات أهمية كبيرة، خاصة بعد أن أصبح الدستور الديمقراطي يُعرَّف بأنه وثيقة حقوقية“.

وتختلف خيارات ومنهجيات الدول في دسترة الحقوق والحريات. عادة يأتي التصنيف متطابقا مع تصنيف أجيال حقوق الإنسان، فتبدأ الدساتير بالحقوق المدنية والسياسية، ثم الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ثم حقوق التضامن.

ومن الدساتير التي أخذت بهذه المنهجية: دساتير الجمهورية التونسية، وجمهورية العراق، والجمهورية البرتغالية.

غير أن ثمة دساتير أخرى تعاملت مع الحقوق تحت مسميات مختلفة كحال الدستور الكندي الذي جاء تصنيفه للحقوق من خلال هذه المسميات: (الحريات السياسية، الحقوق الديمقراطية، الحقوق القانونية، اللغات الرسمية، وحقوق تعليم لغة الأقلية..(

يمكن أيضا أن تكون الإشارة للحقوق مجملة في إطار مبادئ عامة كما في الدستور اللبناني الذي أجمل الحقوق والحريات في عشر مواد فقط تحت فصل اللبنانيين وحقوقهم وواجباتهم“. وقد تأتي الإشارة مفصلة كما في الدستور الكيني.

3 .. ـ حقوق الإنسان في مشروع الدستور الليبي (قراءة عامة)

عبرت المنظومة الحقوقية التي جاء بها مشروع الدستور الليبي عن مجموعة متنوعة من الحقوق والحريات، فيما يلي إشارة إلى بعضها وإلى المضامين التي أتت بها:

  • الحق في الحياة لكل أنسان وفق مشروع الدستور، وتضمن الدولة حماية هذا الحق.

  • في مجال حماية الكرامة الإنسانية لا تسقط بالتقادم جرائم التعذيب والإخفاء القسري. كما لا تسقط بالتقادم الجرائم ضد الإنسانية ولا يجوز العفو فيها.

  • يضمن مشروع الدستور وجود إعلام وصحافة متعددة ومستقلة وبحق المواطنين في ملكية وسائلها.

  • يضمن مشروع الدستور مجموعة من الحقوق المدنية والسياسية الأخرى منها:

الحق في السلامة والأمن، وحق الإجتماع والتجمع والتظاهر، والحق في التصويت والترشح، والحق في المعلومات، وحرية تشكيل الأحزاب السياسية والإنضمام إليها، وجعل العمل المدني متأسسا على التلازم بين متطلبات الاستقلال والشفافية. كما منح مشروع الدستور للمواطنين ومظمات المجتمع المدني الحق في تقديم التماسات أو مقترحات تشريعية.

  • تضمن مشروع الدستور مجموعة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومنها:

الحق في الصحة والتعليم والحياة الكريمة والعمل وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

خصص مشروع الدستور مادة تتعلق بحقوق المرأة، ونص على أن الدولة ملزمة بدعم ورعاية المرأة وسن القوانين التي تكفل حمايتها ورفع مكانتها وحظر التمييز ضدها. ولم ينص في هذه المادة على أي نسبة تمثيل للنساء محددة مسبق, ولكنه أشار إلى ذلك في باب الأحكام الانتقالية، إذ يجب أن يتضمن أي نظام انتخابي تمثيلا للمرأة بنسبة 25% من مقاعد مجلي النواب مدة دورتين انتخابيتين، مع مراعاة حق الترشح في الإنتخاب العام.

4ـ ضمانات إنفاذ الحقوق والحريات وحمايتها في مشروع الدستور

تضمن مشروع الدستور الليبي جملة من الضمانات التي تعمل على إنفاذ الحقوق وحمايتها، منها:

  • إنشاء آليات تعمل على تفعيل بعض الحقوق وإنجازها مثلا الحق في التعليم الإلزامي حتى سن 18، ومجاني للمواطنين في كافة مراحله في المؤسسات التعليمية العامة.

  • تكريس وسائل لحماية الحقوق المرتبطة بعمل المؤسسات المدنية والإعلامية من تغول السلطة التنفيذية، فلا يجوز وقفها إلا بأمر قضائي، ولا حل إلا بحكم قضائي.

  • تحصين النصوص الدستورية المتعلقة بالضمانات المتعلقة بالحقوق والحريات بغرض تعزيزها فلا يمكن للمشرع خرقها من خلال الإنتقاص منها.

  • توفير الحق في المحاكمة أمام القاضي الطبيعي، ولا يجوز تحصين أي تشريع أو قرار من الطعن، كما لا يجوز أن يستبعد من الولاية القضائية أي سلوك ضار بالحقوق والحريات أو مهدد لها.

  • التأسيس لمؤسسة دستورية ترعى الحقوق والحريات تحت مسمى المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

  • عدم الرجوع على الضمانات المقررة قانونا (74) وبناء كافة السياسات على حماية حقوق الإنسان (75).

يتبع في الجزء التالي ويتضمن المحور الثالث من القسم الثاني وهو هيكلية الحكم وتنظيم السلطات“.

_______________

H2O منظمة شبابية ليبية غير ربحية اتخذت من الرمز الكيميائي للماء إسما لما له من خصائص تعد مبادئ لعملها كالشفافية والنماء

مواد ذات علاقة