خالد أبو الخير

يحيي الليبيون شهر رمضان وسط أزمات سياسية ومعيشية عدة، وعلى الرغم من شدتها، فإنها لم تحل دون قيامهم بطقوسهم الخاصة، سواء الدينية أو الاجتماعية.

ومن عادة الأسرة الليبية أن تجتمع على أول إفطار في شهر رمضان في منزل الوالدين، وتضم تلك الجَمعَة الذكور المتزوجين وأولادهم.

ويصار بداية إلى تناول الحليب والتمر و“الشوربة العربية“ التي تختص بها الأسرة الليبية، والقهوة بعيد أذان المغرب، ثم يذهب الذكور في الأغلب إلى المسجد لأداء صلاة العشاء والتراويح.

وبعد الانتهاء من صلاة التراويح، يتوجه الناس إلى محال بيع الحلويات فقط لشراء ما يعرف بـ ”السفنز“، وهي حلويات شعبية تؤكل ساخنة مع العائلة وضيوف رمضان، بعدما تغمس بالسكر غير المطحون، أو بالعسل، أو دبس التمر المسمى في ليبيا ”رُب التمر“.

وتختلف طقوس الشهر المبارك من منطقة إلى أخرى من مناطق ليبيا الشاسعة، ولكن تجمعها عادات كثيرة مشتركة.

يقول الصحفي وليد بن دلة، إن من أبرز هذه العادات هي ”لمة“ الأسر والأقارب، والحرص على الإفطار مع ذوي القربى والأرحام، وتبادل الزيارات العائلية.

ويشير بن دلة، الذي يقيم في العاصمة طرابلس، إلى أن الإعداد لرمضان يبدأ قبل بداية الشهر الفضيل، بتجهيز لوازم المطبخ الليبي الذي يتميز بأكلاته المتنوعة كـ ”المبطن“ و“البوريك“ و“الظولمة“ و“العصبان“ مع أطباق الشوربة و“المحلبية“ وغيرها، بحسب المناطق في البلاد.

ويضيف: ”كما يحرص الليبيون في الشهر الكريم على التعبّد، فتجد المساجد عامرة في صلاة التراويح وقراءة وختم القرآن، بالإضافة إلى موائد الرحمن التي تنتشر في كل حي، بحيث يقوم أهل الخير بتجهيز مائدة الإفطار الخيرية وتوزيع التمر والحليب على مصلي صلاة المغرب في المسجد“.

ومن مدينة إجدابيا، حاضرة وسط ليبيا، ينتقد الإعلامي السنوسي قادربوه، الارتفاع الكبير في أسعار السلع كافة، بما فيها اللحوم والخضراوات وحتى الطحين.

ويشير السنوسي إلى أن ”السلع التموينية باتت شبه مفقودة من الأسواق في الأيام الأولى من رمضان“.

ويردف: ”أضف إلى ذلك عدم توافر السيولة النقدية لدى الليبيين، إذ إن الحد الأقصى للمبلغ المسموح سحبه من البنوك هو 1000 دينار شهريا، أي ما يعادل 192 دولارا، وهو مبلغ بسيط لا يكفي لشيء“.

ويلفت إلى أنه ”على الرغم من كل هذه المصاعب، فإن الناس يحتفلون بالشهر الفضيل ويُكرمون الضيف وعابر السبيل والفقراء، كلٌ بقدر استطاعته“.

وتنسحب المصاعب المعيشية ذاتها على بقية المناطق الليبية، فالأسعار شهدت ارتفاعا جنونيا، فيما الأجهزة الحكومية تبدو عاجزة عن السيطرة عليها.

ويقول الإعلامي منير البكوش، من جنزور الساحلية غرب العاصمة طرابلس، إن ”العادات الرمضانية في منطقته لا تختلف كثيرا عن سائر المناطق الليبية، إذ عادة ما تُقدم أكلة ”البزين“ الشعبية في اليوم الأول من رمضان“.

ويضيف أن ”التمر والحليب يعدان من أساسيات مائدة الإفطار في الشهر الكريم، إضافة إلى شوربة السمك“.

إلى ذلك، فإن ”البسيسة“ تعد من الأكلات المعروفة في جنزور، سواء على مائدة الإفطار أو في السحور، وتؤكل مع التمر والحليب أو اللبن، وفق البكوش الذي يلفت إلى ”المعاناة الكبيرة التي يتكبّدها المواطنون جراء الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية“.

وفي أوباري، التي تبعد عن العاصمة طرابلس نحو 1180 كلم، وتقع في وادي الآجال وسط الصحراء الكبرى، تعد أكلة ”التكرة“ رئيسية في شهر رمضان.

ويقول السياسي حسين قريرة، إن أهالي أوباري عادة ما يطبخون أكلة ”التكرة“ أو ”الفتات“ التي تسمى في غرب ليبيا ”فطيرة“ في الإفطار الأول من شهر رمضان، كونها أكلات شعبية مفضلة في المنطقة، كما يقدم ”حساء الفريك“.

ويشير قريرة إلى حلوى ”تكاضورين“ المميزة في أوباري خلال رمضان.

ويجري إعدادها عادة قبل أيام من حلول الشهر المبارك، وهي عبارة عن تمر يتم تنظيفه وإخراج النواة منه، ثم يهرس ويُضاف إليه القليل من الماء أو الحليب، بحسب نوعية التمر.

ويتم بعدها إضافة نكهة ذات طعم رائع تسمى ”أوليس“، وهي عبارة عن زبدة الماعز المجففة.

وتُخلط المكوّنات جيدا، ثم تُقطّع بشكل مستطيل، قبل أن يُرَش عليها ”القصب المرحي“، الذي يعطي مذاقا رائعا للتمر.

_______________________

مواد ذات علاقة