علي عبداللطيف اللافي

بَعَثَت الولايات المتحدة برسائل واضحة الأربعاء الماضي بشأن ضرورة إنهاء إغلاق حقول وموانئ النفط في ليبيا ما يعكس إنذارا قويا وغير مسبوق للجنرال المتقاعد خليفة حفتر وحلفائه المحليين والاقليميين.

والثابت أن الأمريكيين وكل الأطراف المتداخلة في الملف الليبي وكل المراقبين قد  نظروا إلى الخطوة التي قام بها محتجون بإغلاق حقول النفط على أنها محاولة من حفتر وحلفائه للضغط على الغرب حتى يتمكن “باشاغا” من دخول العاصمة طرابلس بحثا منهم جميعا لتباشر حكومته مهامها من هناك.

ولكن لماذا سارع الامريكيون بهذا التحذير وبلهجة قوية وصارمة وشبيهة بتحذير 2017، وما هي الخلفيات والأبعاد التي وقفت وراء ذلك، وماهي طبيعة التطورات المرتقبة قبل وبعد عيد الفطر المبارك في بلد الشهيد خالد الذكر عمر المختار؟

** حيثيات وتفاصيل التحذير الأمريكي بضرورة إعادة ضخ النفط

1- رسميا دعت الولايات المتحدة يوم الأربعاء (27-04-2022) القادة الليبيين إلى العمل على إنهاء إغلاق المنشآت النفطية (وتم استعمال عبارة “على الفور” تحديدا)، معتبرة وقف الإنتاج إجراء متسرعا يضر بالليبيين، ويقوض الثقة الدولية في ليبيا بصفتها فاعلة في الاقتصاد العالمي، وأوضحت السفارة الأميركية في طرابلس في بيان صحافي أن واشنطن “تشعر بقلق عميق من استمرار إغلاق النفط، الأمر الذي يحرم الليبيين من عائدات كبيرة، ويساهم في زيادة الأسعار، ويمكن أن يؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي، ومشكلات في إمدادات المياه، ونقص في الوقود”.، وأضافت “يجب على القادة الليبيين إدراك أنّ الإغلاق يضر بالليبيين في جميع أنحاء البلاد، وله تداعيات على الاقتصاد العالمي، ويجب عليهم إنهاء إغلاق النفط على الفور”.

2- البيان جاء بعد أن أعلنت مؤسسة النفط الوطنية الحكومية قبل أكثر من أسبوع حالة القوة القاهرة بل وعلقت العمليات في ميناءين نفطيين مهمين في الشرق، فيما يستمر إغلاق ستة حقول نفطية في جنوب وشرق البلاد، وتسبب الإغلاق في خسارة 600 ألف برميل أو ما يعادل نصف الإنتاج اليومي، في حين أن ليبيا التي تنعم بأكبر احتياطيات في أفريقيا كان متوسط إنتاجها يبلغ 1.2 مليون برميل يوميا، وتأتي الإغلاقات بعد مطالبة المحتجين الذين يقفون وراء الحصار النفطي بنقل السلطة إلى رئيس الحكومة الجديد “فتحي باشاغا” الذي عينه البرلمان ويحظى بدعم حفتر.

ولا يخفى على أي متابع أن المحتجين هم مدعومين ماديا ولوجستيا وقبليا من مربعات حفتر وعقيلة صالح وأنصار رئيس الحكومة الموازية لحكومة الدبيبة أي “فتحي بشاغا” والذي حاول دخول العاصمة ولكنه لم يفلح رغم عقده اجتماعات ماراتونية مع أنصاره وبعض من حاول استقطابهم في اجتماعات تم عقدها في ضاحية قمرت بالعاصمة وجزيرة جربة التونسية ومعلوم أيضا أنه حاول الدخول وعناصر عكومته من معبر حدودي تونسي الا أن موظفي المعبر الليبيين منعوه وصدوره فاضطر للعودة لشرق ليبيا.

3- ذكّرت السفارة القادة الليبيين في بيانها بقرارات مجلس الأمن المتعددة التي تحمي مؤسسة النفط، مجددة تأكيد الالتزام بالعمل معهم حول “آلية من شأنها منح الشعب الليبي الثقة في أنّ عائدات النفط توزّع في ما يعود على الشعب بالفائدة”، وأكدت الولايات المتحدة تقديمها النصح بشأن “إنشاء آلية مالية ليبية مؤقتة مع دعم واسع لمعالجة كيفية إنفاق العائدات في غياب ميزانية وطنية متفق عليها”.

وشددت في ختام بيانها على “ضرورة ذهاب ثروة ليبيا لخدمة الليبيين في جميع أنحاء البلاد، ولا ينبغي لأي طرف خارجي تقرير مصير الموارد الليبية، ويعرف الأمريكيون مثلهم مثل كل العالم وكل المراقبين أن ليبيا تعاني من أزمة سياسية متصاعدة مع نزاع بين حكومتين (واحدة برئاسة وزير الداخلية السابق “باشاغا” منحها برلمان طبرق القريب من مصر ثقته في فيفري الماضي، والثانية منبثقة عن اتفاق سياسي رعته الأمم المتحدة قبل أكثر من عام ويترأسها عبدالحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا بالانتخابات…)

4- ما يغيب عن البعض من المتابعين أن الأمريكيين يتعاطون مع الملف الليبي بدراية بكل التفاصيل والعلاقات القائمة بين كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية خاصة , وان سفيرها هو نفسه مبعوث الرئيس “بايدن” لليبيا كما أن مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة هي نفسها من كانت سابقا قائمة بالأعمال (بين يناير ونهاية يونيو 2018) وأنها اشتغلت كمساعدة للمبعوث الاممي الرابع للشؤون السياسية (بين 05-07-2018 ونهاية فبراير 2020) ثم مبعوثة أممية بالنيابة من مارس 2020 حتى نهاية يناير 2021.

وكل ذلك يعني ان واشنطن تمسك بكل خيوط الملف وتشعباته الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية والإقليمية وأنها تركت كل الأقوى الإقليمية والدولية تغرق في أتونه بين سبتمبر 2012 ونوفمبر 2020 معتقدين أنه ليس أولوية لها، وكل ذلك اثبتته جمل ومعاني بيان أول أمس وقبل ذلك بيان 2017 بناء على أن واشنطن لازالت تحدد سياساته تجاد الملف الليبي والمتداخلين فيه بناء على الخطوط الحمراء الثلاث ( انسياب النفط – التصدي للتنظيمات الإرهابية وحلفائها الموضوعيين – تحجيم الوجود العسكري الروسي في شمال وغرب افريقيا) ويعتمد الامريكيون في ذلك على اطراف ووكلاء وظيفيين داخل ليبيا وخارجها وعلى قوى إقليمية وشركاء دوليين.

هذا أولا أما ثانيا فان “الأفريكوم” تقدر متى يتطلب الامر ذلك (على غرار استهداف جهاديين في الصحراء الليبية وكل منطقة الساحل والصحراء) إضافة للترابط الموضوعي والمباشر مع القوات الخاصة لجيوش دول الجوار الليبي وتفعيل اتفاقيات معها كلما تطلب الامر ذلك، ومعنى ذلك فان التحذير له ما بعده وان لها ابعاد خفية ومعلنة وحيثيات وخلفيات لا يعلمها الا المختصون ومن هم على دراية بتفاصيل التفاصيل…

** خلفيات وأبعاد التحذير الأمريكي 

1- أولا، من المهم التأكيد والتذكير أن الدعوة الأميركية قد جاءت بعد كشف”باشاغا”عن إجرائه لمحادثات مع مسؤولين أميركيين (لم يحدد صفتهم رغم قوله كبار المسؤولين  للتأكيد على درجة اهميتهم)، حيث قال في تغريدات على “تويتر” مساء الثلاثاء الماضي (21-04-2022)، ”لقد تواصلت اليوم مع كبار المسؤولين في واشنطن، وناقشنا الجهود المبذولة لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة في الوقت المناسب من أجل النهوض بالاقتصاد وإرساء الأمن وتحقيق الاستقرار السياسي، ليبيا في حاجة إلى التعاون مع حلفائها الدوليين للمضي قدماً نحو مستقبل أفضل”.

وطبعا فهم “باشاغا” نص  بيان التحذير الأمريكي وخلفياته وأبعاده خاصة وأنه شغل سابقا وزير داخلية حكومة الوفاق وهو ربما ما يفسر طلبه الظاهر قبل البيان من المحتجين إيقاف الغلق، ومعلوم أن الرجل يعلم وبدقة أن عمليات إغلاق الحقول والموانئ النفطية قد تكرّرت فعليا طيلة السنوات الماضية بسبب احتجاجات عمالية أو تهديدات أمنية أو حتى خلافات سياسية ولكن قوات تابعة لحلفائه الحاليين هي من وقفت وراءها وأنهم من مولوها وأسندوها كعمليات ارباك للسراج يومها وأيضا للدبيبة اليوم، ويعلم “باشاغا” قبل غيره أن كل تلك العمليات قد تسببت في خسائر تجاوزت قيمتها 100 مليار دولار، بحسب البنك المركزي الليبي…

2- ثانيا، الأمريكيون قبل غيرهم يعرفون ويعون أن المستفيد من عمليات إيقاف الإنتاج هي روسيا وأن من يقف وراء وقف الإنتاج قد قدم خدمة مجانية للروس أولا، وأن ذلك ارباك غير مباشر لهم ولحلفائهم في المنطقة وخاصة في ظل الحرب الروسية الأوكرانية (باعتبار ان تدفق النفط يعطل خطة الروس ويضعف مقاومتهم للعقوبات الغربية). كما أن إيقاف النفط يربك مباشرة السياسات الأمريكية القائمة على “تحول ملفات شمال وغارب افريقيا والشرق الأوسط الى ملفات نائمة وإعطاء أولية لملفات روسيا وايران والصين”، وهو ما برر وسرع بعقد القمة الثلاثية بين مصر والأردن والامارات وبتلك السرعة وطبيعة نتائجها (الهدف هو عدم السماح توترات في الأراضي الفلسطينية المحتلة)، وبالتالي فالبيان الأمريكي هو أسلوب مواز وشبيه بدور بحثت عنه القمة الثلاثية، أي لا للإرباك خاصة وانه تعطيل انتاج النفط قد مس من خط أحمر لا يختلف فيه اثنان بالنسبة للأمريكيين وهو “ضرورة استمرار انسياب النفط”…

3- ثالثا، لن يَسمح الأمريكيون لأي طرف بإرباك سياساتهم واستراتيجياتهم في بلد مثل ليبيا ذلك أنه بلد الثروات الهائلة والنادرة كما هو بلد استراتيجي لإيجاد مَمرّ يَسير نحو العمق الافريقي إضافة الى ندرة واستراتيجية سواحله الممتدة على المتوسط، وبالتالي فالبيان واقعيا هو خطوة معلنة لترتيبات وختم اتصالات ومشاورات قام بها الأمريكيون قبل ذلك مع الأطراف الليبية ودول الجوار وأطراف دولية وقيادات مؤسسات عسكرية في بلدان المنطقة حتى لا يقع المس من خطوطهم الحمراء الثلاث – سالفة الذكر أعلاهوأيضا لترتيب مستقبل الملفات الليبية والتونسية والسودانية والتشادية بينما سيترك ملف دولتي مالي والنيجر بالكامل للجزائريين (والذين عادوا بقوة للملفات الإقليمية وظهرت فاعليتهم في ملفي ليبيا وتونس أيضا ولعل استقبال “دبيبة” وبتلك الطريقة الاستعراضية والتي الحقت بذلك التصريح التلفزيوني المهم لتبون والذي تم ترتيبه بدقة وعناية فائقتين وهو دليل أن لقاء “تبونبلبنكن” قد تمحور أساسا على الملف الليبي أولا وبعض ملفات أخرى ثانيا على غرار ملفي تونس والتشاد)…

** أي تطورات مرتقبة في الملف الليبي خلال الأيام المقبلة

1- أولا، الملف الليبي قيد الترتيب في بعض حلقاته وقد تتأخر ملامح الحل النهائي لبعض الوقت وتحديدا قد تطول عملية الترتيب زمنيا في خطواته النهائية ولكن ليس معنى هذا أنه لن يتم التسريع بإنجاز الاستحقاق التشريعي والذي من المرتقب أن يكون بين بداية يونيو المقبل ونهاية سبتمبر القادم، ومن ثم ترتيب بقية الخطوات وصولا لانتخابات رئاسية في أفق يونيو 2023) وتحديدا تفاصيل وخطوات أخرى مع دول الإقليم بشأن كثير من جزئيات الملف الليبي. والثابت أن ملفات المنطقة (ليبيا – تونس – السودان – مصر) هي أولا وأخيرا حزمة واحدة وأن هناك فرز للسيناريوهات في كل بلد بشكل منفرد، كما هناك دراسة في كواليس الإدارة الأمريكية لسيناريوهات وبحث بعضها وتجنب أخرى على غرار محاولة تجنب سيناريو الانفجار الاجتماعي في كل دول المنطقة وخاصة الأربع المشار اليها أعلاه، كما هناك بحث عن تنزيل سيناريو يتماهى مع خيار استقرار كل دول منطقتي “شمال” و”غرب افريقيا” إضافة للشرق الأوسط ولكن ذلك سيرتبط أساسا بطبيعة التداعيات الجيوسياسية للحرب الأوكرانية للمنطقة

2- ثانيا، معطيات النقطة السابقة توضح أنه ليس هناك تطورات كبيرة مرتبة خلال الأيام القادمة ولكن ليس معنى ذلك عدم تسارع الاحداث تكتيكيا على غرار مواصلة وليامز لخطواتها المتناسقة مع رسائل وبيانات وتحركات المبعوث الأمريكي والتي ستتماهى طبعا مع زيارات وخطوات الدبيبة وتحركات الرئاسي والذي قد يقلب الطاولة على الجميع خلال الشهرين القادمين أو بعد ذلك وخاصة لو لن يتم اللجوء للقضاء اذا ما تعذر تسريع انجاز الانتخابات البرلمانية، والرئاسي لدا بعيدا عن الأضواء في ظل صراع الحكومتين، مع أن هناك لقاءات أخرى وفاعلين آخرين يقومون بخطوات ولقاءات اقرب للتصالحية ولعل لقاءات الحرم المكي منذ يومين بين مقربين من الفاعلين في شرق ليبيا وغربها هي قليل من لقاءات أخرى تتم في تركيا والامارات ومصر وعواصم أخرى إقليمية ودولية وخاصة بشان مستقبل المؤسسات المالية وتوحيدها وأيضا بشان مستقبل المؤسستين التشريعيتين.

وهنا من المهم أن بيان السفارة الأمريكية ما هو الا ظاهر الاحداث وليس خفيها وانه تتويج لمسار أمريكي تمت بعض حلقاته بينما ستتم خلال الأيام القادمة خطوات أخرى تابعة له ومعلوم انه ليس هناك أي ترتيبات للسلطة في كل دول المنطقة ومنذ سنوات وحتى هذه اللحظة لا تتم من دون ضوء أخضر امريكي وان ذلك سيتواصل حتى سنوات أخرى وبناء على ما سترفزه النتائج النهائية للحرب في أوكرانيا، وكل ذلك يعني تراجع أدوار دول إقليمية كبرى في ملف ليبيا وكيفية تريبه وتقديم بعض فاعلين واخراج آخرين نهائيا في المشهد وذلك يعتني ان انقساما مرتقبا في شرق البلاد بين حلفاء الامس ولكن ذلك سيرتبط طبعا بطبيعة تطورات الإقليم وتطورات الداخل الليبي على المستويين السياسي والاجتماعي..

3- ثالثا، عوامل كثيرة جدت في إدارة الملف الليبي منذ نهاية أوت الماضي وخاصة بعد المغيرات الجبوسياسية بعد الزلزال الافغاني،فالتقارب التركي الاماراتي أحدث تبيانا بين القاهرة وأبو ظبي في ملفات عدة من بينها بعض تفاصيل في ليبيا، إضافة الى خطوات تقارب أنقرة البطيء مع القاهرة (أزمة الأخيرة الاقتصادية والمالية بشكل حاد حدت من فاعليتها ودورها في ليببا).

كما أن زيارة أردوغان للسعودية بداية من الأمس ستحدث تقاربا في وجهات النظر حول ليبيا وحول ملفات أخرى، وكل تلكالعوامل والتطورات ستكون حاضرة بقوة في تصدير وجوه ليبية واختفاء أخرى أيضا، ومعلوم ان الانجليز قد عادوا بقوة كشركاء في إدارة الملف الليبي وهم الذين لم يغيبوا ابدا ولكنها عودة معلنة وظاهرة في ليبيا على غير عاداتهم في ملفات دول المنطقة الأخرى (وهو ما يفسر بحث “ستيفاني ويليامز” في لندن مع وزير شؤون جنوب آسيا وشمال إفريقيا والأمم المتحدة والكومنولث في وزارة الخارجية البريطانية نتائج المشاورات الأخيرة واتفاقهما على دعم مسار انتخابي ودستوري قابل للتطبيق في ليبيا بغية إجراء انتخابات على أساس دستوري متين في أقرب وقت ممكن، وقد تم التأكيد خلال المقابلة على ضرورة الحفاظ على الهدوء على الأرض)…

4- رابعا، الخلاصة أن واشنطن ستَبحث في ليبيا على الاستقرار عبر منع التصادم الذي تدفع له أطراف ولن تسمح بتعطل انسياب النفط ولا بفرض حكومة غير معترف بها دوليا وهنا نفهم لماذا غادر “باشاغا” تونس خاصة وان هذه الأخيرة مثلها مثل بقية دول الجوار الليبي لن يتم فيها ترتيب الملف إلا بعد ترتيب الجزء الرئيسي في الملف الليبي كما لن يسمح أن تكون مسرحا لدعم هذا الطرف الليبي أو ذلك على حساب منافسه المباشر وخاصة وأن “الدبيبة” بتمتع حتى الآن بأسبقية دعم دولي حتى منتصف جوان المقبل كما أنه لن يسمح له بأي ترتيب مع أي طرف دولي واقليمي بعيدا عن رؤية الأمريكيين وهو ما يوضح تواجده منذ سحور أمس الخميس في الامارات وربما سنراه في دول أخرى يمضي ويتفق ويكسب شركاء جدد وبضوء أخضر أمريكي طبعا.

***

علي عبداللطيف اللافي – كاتب ومحلل سياسي مختص في الشؤون الافريقية

___________________

المصدر صحيفة ٢٤/٢٤بتاريخ ٢٩ أبريل ٢٠٢٢

مواد ذات علاقة