تخسر ليبيا في الوقت الحالي نحو 50 بالمئة من الإنتاج الإجمالي

أكد موقع إيطالي أن النفط في ليبيا يعد السلاح الأول الذي تستخدمه الجماعات المسلحة لإملاء قوانينها الخاصة عند تصاعد التوتر“.

 وبين إنسايد أوفرأن الإغلاق النفطي الذي يفرض بين حين وآخر على الحقول والموانئ النفطية خاصة خلال هذه الفترة المتزامنة مع تصاعد التوترات بين الغرب وروسيا، قد يصب في مصلحة الأخيرة.

وقد يحول هذا الأمر دون فرض عقوبات إضافية ضد روسيا جراء هجومها على أوكرانيا، وفق تقدير الموقع. وأعاد التذكير بأن مثل هذه الحوادث وقعت عدة مرات منذ مقتل العقيد معمر القذافي.

على سبيل المثال في يناير/كانون الثاني 2020، عشية مؤتمر برلين الذي كان من المقرر أن يناقش التوازن بين الجنرال الانقلابي خليفة حفتر وحكومة فايز السراج آنذاك.

وأشار الموقع إلى أن الأزمة نفسها تتجدد هذه الأيام في إطار الصراع بين عبد الحميد الدبيبة رئيس الوزراء المعترف به من الأمم المتحدة، من جهة، وفتحي باشاغا رئيس الوزراء المكلف من برلمان طبرق، شرق البلاد، من جهة ثانية

بحسب الموقع الإيطالي لا جديد في ليبيا بعد 2011، فقط تتشابك الأزمة الآن مع أزمات مختلفة تخل بالتوازن الدولي

ويشرح بأنه يمكن ربط الحظر الجديد على صادرات النفط من ليبيا بالحرب في أوكرانيا وهو ما من شأنه أن يفاقم أزمة الطاقة في أوروبا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط

حصار نفطي

أشار الموقع إلى أن ليبيا واجهت عام 2020 وضعا متناقضا وشبه خطير، قائلا إن حكومة السراج آنذاك كانت تمتلك مفاتيح خزينة البنك المركزي الذي كانت تذهب إليه عائدات بيع النفط

على الطرف المقابل، كان جيش أو بالأحرى مجموعة من المليشيات بقيادة الجنرال حفتر تسيطر على معظم المناطق التي تقع فيها حقول الإنتاج الرئيسةولاحظ الموقع الإيطالي أن الوضع اليوم لا يختلف كثيرا عن السابق.

ففي طرابلس يتمسك الدبيبة المعين في أبريل/نيسان 2021 من قبل ملتقى الحوار السياسي، بالسلطة بعد أن كان من المفترض أن يقود البلاد إلى الانتخابات التي كانت مقررة في ديسمبر/كانون الأول من ذات العام

وبحسب إنسايد أوفر، يحظى الدبيبة، المنحدر من مدينة مصراتة بدعم العديد من المليشيات التي تساعده في السيطرة على العاصمة لكن لا تقف جميعها في صفه.

بدوره، يأتي باشاغا من مدينة مصراتة أيضا وكان وزيرا للداخلية في حكومة السراج. لذلك يمكنه الاعتماد على بعض المليشيات الأكثر نفوذا في الغرب الليبي، وفق قول الموقع الإيطالي.

ولفت إلى أن قاعدته الحقيقية تقع في الشرق، حيث يوجد البرلمان الذي منحه الثقة ولا تزال به القوة العسكرية الرئيسة تحت قيادة خليفة حفتر“.

وألمح الموقع إلى أن حفتر الذي فشل في السيطرة على العاصمة طرابلس في صراعه ضد حكومة السراج، لا يزال يبسط سيطرته على المناطق الشرقية والعديد من المدن في إقليم فزان.

وأشار إلى أن الإقليم الصحراوي الجنوبي غني بحقول الطاقة الرئيسة أبرزها حقل الشرارة، الأكبر على الإطلاق والذي يشكو توقف الإنتاج منذ أسابيع بسبب احتجاج جماعات محلية.

ويذكر بأن الإنتاج استؤنف في يونيو/حزيران ليوم واحد فقط قبل تعليقه من قبل نفس الجماعات، التي يرجح ارتباطها بحفتر وباشاغا.

وأشار إلى أن مينائي سدرة ورأس لانوف النفطيين في منطقة الهلال النفطي بين سرت وبنغازي، يعيشان وضعا مشابها منذ أسابيع

ويلاحظ الموقع بأن هذه المناطق تخضع أيضا لسيطرة حفتر، حيث لم تتمكن ناقلات النفط من المغادرة إلى أوروبا منذ عدة أيام.

مصالح الكرملين

حدد محمد عون وزير النفط الليبي في حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، الخسائر الحالية بسبب إغلاق حقول الإنتاج والموانئ النفطية في الأيام الأخيرة بحوالي 600 ألف برميل يوميا، وفق ما قال في مقابلة مع وكالة نوفا الإيطالية.

وصف الموقع الإيطالي هذه الخسارة بالكبيرة بالنظر إلى حجم الإنتاج في الظرف العادي وفي أوقات السلم المقدر بما لا يقل عن 1.2 مليون برميل يومياوبذلك تخسر ليبيا في الوقت الحالي نحو 50 بالمئة من الإنتاج الإجمالي.

علق الموقع بالقول إنه بالنسبة لليبيين، كل هذا يترجم إلى خسارة في الإيرادات، بينما يعني لأوروبا تفاقم أزمة الطاقة خصوصا وأن القارة القديمة بحاجة ماسة للنفط الليبي في ظل ارتفاع الأسعار منذ نهاية عام 2021.

وأكد أن الصادرات الطاقية الليبية تظل مهمة في مرحلة تبحث فيها أوروبا عن مصادر طاقة بديلة، على الرغم من أنها غير كافية لتعويض الطاقة الروسية التي قد يفرض عليها حظر شامل في حزم العقوبات المقبلة.

وبذلك تتشابك الأزمة الأوكرانية وأزمة الطاقة مع الأزمة الليبية، وفي هذا الوضع يستفيد الكرملين أكثر من غيره، بحسب تعبير الموقع الإيطالي

وبتواصل توقف الصادرات الليبية نحو القارة الأوروبية، قد تستبعد روسيا احتمال فرض حظر تام على صادراتها الطاقية.

وبإمكانها أيضا تذكيرالقارة القديمة بضرورة إعادة حساباتها لتجنب انهيار تام للاقتصاد في وضع يشبه إلى حد ما الأزمة المرتبطة بصادرات القمح، يفترض إنسايد أوفر.

وأردف الموقع أن الكرملين يلعب دورا مهما جدا في ليبيا، خصوصا أن الرئيس فلاديمير بوتين أقام على مر السنين علاقات قوية جدا مع الجنرال حفتر وزوده بالأموال والأسلحة

وقال إن العديد من الأوساط الدبلوماسية لا تخفي فرضية صدور أمر محدد من الرئيس الروسي وراء إغلاق موانئ النفط الليبية“. 

استبعد إنسايد أوفر هذا الاحتمال لعدة أسباب، أولا، لأن الكرملين عد في وقت ما أن حفتر غير موثوق به

وغالبا ما كان الجنرال الانقلابي يتخذ قرارات في عدة مناسبات بشكل مستقل عن توجيهات الحلفاء.

في الختام

يرى الموقع أنه ليس من مصلحة الروس نصيحة حفتر برفع الحظر عن صادرات النفط إلى أوروبالذلك تملك موسكو ورقة مهمة أخرى بفضل النفط الليبي، تلعبها أيضا في السياق الأوكراني.

_________________

مواد ذات علاقة