بقلم عمر بوشاح

تعتبر المؤسسات التنفيذية في جميع دول العالم خاضعة للسلطة السياسية للدولة في أي نظام سياسي كان. وعلى رأس المؤسسات التنفيذية المؤسسة العسكرية والتي تمثل أداة القوة التي تملكها السلطة وتنفذ بها القانون وتحمى بها الوطن.

وما حدث في ليبيا بعد ما يعرف بالانقسام السياسي، والذي كان نتاج  سلطتين سياسيتين منتخبتين تتنازع الشرعية والسلطة، وبالتالي حدث استقطاب وانقسام على جميع مستويات المؤسسات الرسمية للدولة والتي تعتبر مؤسسات مترهلة وضعيفة بحكم طبيعة النظام السابق الذي لم ينجح في تكوين نظام مؤسساتي حديث ،حتى على صعيد المؤسسة الأمنية والعسكرية وأسهم من خلال سياسته العبثية في تفكيك المؤسسة العسكرية وإضعافها مقابل تكوين كتائب أشبه ما تكون بمليشيات متخصصة في الدفاع عن النظام الحاكم فقط.

ولقد تسبب ذلك الفراغ المؤسساتي في انهيار كامل للدولة بعد أحداث ثورة فبراير و سقوط النظام ، بعكس دول أخرى حدثت فيها ثورات اسقطت أنظمة استبدادية، ولكن ثمة مؤسسات متماسكة استطاعت أن تحافظ على الحد الأدنى لوجود الدولة.

ومن أكثر المؤسسات التي أثر غيابها بشكل كبير على الواقع في ليبيا هي المؤسسة العسكرية والأمنية، وعلى رغم من وجود عدد لا بأس به من كوادرها ،ولكن غياب فكرة المؤسسة والتي تشمل العقيدة العسكرية والتي تعرف على أنها الفكرة الأساسية للجيش، أسهم بشكل مباشر في إعادة تأسيس جيش وطني حقيقي ولائه لله وللوطن.

وعوداً على ذي بدء فإن حالة الانقسام السياسي وما تبعها من انقسام مؤسساتي، كان لزاما من توافق وطني يجمع السلطة السياسية وبطبيعة الحال ما نتج عنها من مؤسسات تابعه لها.

جاء الاتفاق السياسي الليبي الموقع في مدينة الصخيرات المغربية عام 2015 والمعترف به والمدعوم دوليا لينهي حالة الانقسام السياسي ولينتج مؤسسات موحدة تتمثل في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة كسلطة تشريعية والمجلس الرئاسي كسلطة تنفيذية.

وقد صدرت في ذلك قرارات من مجلس الأمن تدعم الاتفاق وترفض التعامل مع أي سلطة موازية وتدين وتعاقب أي معرقل ورافض للتوافق الوطني.

وبالتالي كان من المفترض أن تخضع كافة المؤسسات التنفيذية ومن بينها العسكرية لسلطة المجلس الرئاسي الجديد دون الدخول في أي صفقات سياسية لكل مؤسسة على حدة.

لا شك هناك دور لأطراف إقليمية من ضمنها جمهورية مصر العربية ساهمت في عرقلة وتنفيذ الاتفاق واستمرت في دعم المعرقلين والمؤسسات الموازية في الشرق الليبي، رغم إعلانها لموقف الدعم للاتفاق السياسي الليبي وللقرارات الدولية بشأنه.

ولا يمكن فهم الخطوات الأخيرة التي يقوم بها الجانب المصري والتي عبر عنها بمصطلح (توحيد الجيش الليبي) إلا في سياق تفريغ الاتفاق السياسي من محتواه، ومحاولة فرض أشخاص بعينهم لقيادة المؤسسة العسكرية والأمنية.

ولو كانت هناك نوايا حقيقية لتوحيد المؤسسة العسكرية من قبل الشقيقة مصر لكان ذلك واضحاً وجلياً من خلال دعم الاتفاق السياسي الليبي وإخضاع الأطراف العسكرية التي تدعمها لسلطة المجلس الرئاسي الحالي، والنأي بالمؤسسة العسكرية عن الدخول في أي صفقات سياسية.

__________

مواد ذات علاقة