بقلم مصطفى الجريء

لطالما اكدت الاطراف الدولية والإقليمية ودول الجوار المعنية بأزمة ليبيا الراهنة على ان حلحلة الازمة وتجاوز العقبات هي لدى اطراف الصراع المحليين وحدهم، وان الامم المتحدة تدعم وتساعد بالنصح والإرشاد بخصوص المبادرات بين الفرقاء .

غير ان الصراع على السلطة والنفوذ طال اكثر من اللازم واستفحل وكاد يقود البلاد الى حرب اهلية يصعب التكهن بنهاياتها وتداعياتها ليس على ليبيا وإنما على دول الجوار وحتى دول الاتحاد الاوروبي .

ولطالما اكد ملاحظون بان مفاتيح الازمة عند مدن الطوق اي المحيطة بالعاصمة طرابلس وبالذات الزاوية وترهونة، ثم تأتي مدينة مصراتة ذات الثقل العسكري والتي شهدت أشرس المعارك مع كتائب القذافي وكانت مسرحا لانتهاكات فظيعة في حق المدنيين من أبناء المدينة .

تدرك هذه المدن وقياداتها انه بإمكانها حل الازمة وإقرار الحل السلمي وذلك منذ اندلاع الانقسام السياسي بين مؤتمر وطني انتهت عهدته وبين برلمان فاشل انتهت ولايته منذ مدة جاءت به انتخابات 2014.

لكن تلك القيادات لم تفعل شيئا بل واصلت التنافس قصد بسط السيطرة على اكثر ما يمكن من مفاصل الدولة والمؤسسات السياديّة، فكانت النتيجة وضع اليد على مصرف ليبيا المركزي واحتكار ايرادات النفط.

وعند ظهور موجة من التساؤلات عن ايرادات النفط عمل مجلس الامن الدولي على بعث لجنة للتحقيق في الموضوع، وكذلك فعل السراج رئيس المجلس الرئاسي فكرت قيادات تلك المدن في ما يمكن ان يمسها من ملاحقات قضائية دولية ، فسارعت الى الموافقة على عقد اجتماع بالزاوية لتوقيع الاتفاق الامني ليكون الارضية لتنفيذ ما يعرف بالترتيبات الامنية في طرابلس الكبرى وباقي المدن .

كما شكل تصميم ايطاليا على عقد مؤتمر دولي حول ليبيا وحرصها على اشراك اوسع ما يمكن من اطراف محلية ودولية، شكل هذا العامل ضغطا على المدن المؤثرة محليا وهي كما سبق الذكر مصراتة الزاوية وترهونة اما بنغازي واقليم برقة فلا يشكل عائقا امام الحل بسبب وجود طرف واحد مسيطر عليه وهو حفتر ويسهل التفاوض معه فمطلبه محدد ومعلن، وهو ان يكون قائدا للمؤسسة العسكرية وتشفع للرجل نجاحات يشهد بها الجميع رغم انتهاكه لقوانين حقوق الأنسان وجرائمه ضد الانسانية في بنغازي ودرنة.

كلها تطورات ومستجدات تراقبها الامم المتحدة وترعى اغلب مراحلها ومن بينها مؤتمر ايطاليا المزمع عقده قريبا .

حل ازمة ليبيا ممكن وهي ليست كما وصفها البعض بأزمة الثقب الاسود.

الشعب الليبي يرفض التقسيم ولا احد من دول الجوار يريد لليبيا التقسيم .

لا احد ينكر وجود تدخلات خارجية وتضارب في المصالح بين الدول في ليبيا.

هناك صراع مصالح ما بين الدول الاوروبية والإقليمية وحتى الجوار العربي والإفريقي لكن الثابت ان لا احد يستطيع منع الليبيين من تغيير الحال والالتفاف حول مصالح الوطن .

ارادة وطنية يبدو انها بدأت تتجلى فعليا بفضل تضارب المجلسين ، ولو ان بعض المراقبين يعتبرون ذلك التقارب مجرد مناورة سياسية لضمان البقاء في كرسي السلطة التشريعية وفي المجلس الاستشاري غير اننا وفي حال تغليب المصلحة الوطنية نؤكد وجود ارادة حقيقية لدى المجلسين .

شخصيات مرشحة للعودة للمشهد السياسي

مع بداية بروز انفراج واضح للازمة بعد تحسن الوضع الامني في طرابلس الكبرى و مسك السراج لزمام الامور والتقارب بين مجلس النواب ومجلس الدولة –قرب انعقاد مؤتمر باليرمو حول ليبيا ، اكدت مصادر من طرابلس وجود حوارات ومفاوضات سرية بين مختلف الاطراف السياسية وتذكر المناطق حول الخطوة القادمة وهي تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وهي التي سوف تشهد عودة عديد الشخصيات السياسية مثل نوري ابو سهمين رئيس المؤتمر السابق الذي بفضل خبرته ابعد شبح الحرب الاهلية في اكثر من مرة .

كما عمل ابو سهمين على دعم الحوار مع مجلس النواب حيث التقى رئيس البرلمان عقيلة صالح في مالطا . وبعد دخول المجلس الرئاسي وتنصيب مجلس الدولة انسحب الرجل بهدوء العقلاء وبذلك حافظ على احترام الشعب له. بوسهمين مرشح بقوة لتولي احد مناصب الحكومة القادمة .

شخصية اخرى وهي محمد الدايري وزير خارجية حكومة طبرق السابق القادم قبل انضمامه للحكومة المؤقتة من مفوضية اللاجئين ولديه علاقات دولية واسعة وهو مرشح لتولي حقيبة الخارجية في حال لم يكن وزير خارجية الوفاق الحالي مرشحا له .

مرحلة ليس بالصعب على الليبيين بلوغها لو نجح السراج فعلا في بسط الامن وابعاد المجموعات المسلحة .

___________

مواد ذات علاقة