سليم يونس الزريعي

لقد كشفت معركة طوفان الأقصى التي شنتها الفصائل الفلسطينية من قطاع باتجاه الأراضي المحتلة عام 1948 فيما يسمى غلاف غزة ، بكل هذا الاقتدار في مواجهة جيش يصنف على أنه الثامن في العالم ، رغم فارق الإمكانيات.

ذلك مما جعله يطلب دعما أمريكيا مباشرا لمواجهة الآثار التي ترتبت على تلك العملية العسكرية الجريئة وغير المسبوقة، كونها جرت في ميدان سيطرته، بخلاف كل معاركه السابقة التي حرت في مناطق مصرية أو سورية أو لبنانية أو فلسطينية لم تحتل عام 1948ا، كم هو هش هذا الكيان.

لماذا هش؟

إن أحد مظاهر هشاشة هذا الكيان هو حالة الارتباك وفقدان التوازن بعد سيطرة مجموعة من المقاتلين على مستوطنات غلاف غزة وأسر المئات من أفراد جيشه من الضباط والجنود ، وعناصر شرطته وقطعان مستوطنيه ونقلهم إلى غزة بعد تحييد العشرات منهم.

والشاهد هنا أن من فعل ذلك هم مجموعة من المقاتلين في قطاع غزة المحاصر من قبل الكيان منذ 2007، ومع ذلك فإن شعور هذا الكيان بعدم ثقته في مؤسسته العسكرية وهي تعلن الحرب على كل مظاهر الحياة في غزة ، بحثا عما يعيد له بعض ماء وجهه أمام المستجلبين الصهاينة طلب من راعيته أمريكا الدعم العسكري في مواجهة مجموعات المقاتلين الذين هم ليسوا جيشا محترفا لكنهم طلاب حق وحرية.

أمريكا هي العدو

وإنه لمن نافل القول هنا، التذكير بأن ألولايات المتحدة الأمريكية هي العدو الأول على الأقل للشعب الفلسطيني، كونها هي من ساهمت في زرع الكيان الصهيوني ورعته ومولته وأمدته بكل ما يلزمه، وجعلته كيانا فوق القانون الدولي، فهي تقدم له 3,8 مليارات دولار من المساعدات العسكرية سنويًا“.

فيما مارست الولايات المتحدة الأمريكية امتياز الاعتراض(الفيتو) ضد القضية الفلسطينية والقضايا العربية حتى عام 2011، ثلاث وأربعين مرة لصالحه، دون أن تتحرك العدالة الأمريكية، الأمر الذي لا يمكن اعتباره إلا تعديا على القانون الدولي، وهي من ثم تجعل من ذلك الكيان الغاصب شيئا فوق القانون الدولي والشرعية الدولية.

ونفاقها وكذبها وادعاءاتها الإنسانية تكشف زيفها جرائم حرب الكيان الصهيوني التي ترتكب على مدار اليوم في الضفة الغربية، فقد بلغ عدد الشهداء منذ بدابة عام 2023 وحتى 9 سبتمبر (235) شهيدا برصاص جيش الاحتلال منهم 47 طفلاً، وو6 سيدات.

فيما قال المنسق الأممي لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، أن جيش الاحتلال قتل ما بين 15 يوليو و19 سبتمبر2023، 68 فلسطينيا، من بينهم 18 طفلا، على يد قوات الأمن الإسرائيلية، و“تحتجز ما مجموعه 1264 فلسطينيا حاليا رهن الاعتقال الإداري”.. ومن إجمالي 2830 فلسطينيا، بينهم 30 امرأة و559 طفلا، أصيبوا، منهم 271 بالذخيرة الحية و2119 باستنشاق الغاز المسيل للدموع. وهي من ثم لا ترى ذلك ولا تعتبره جريمة لأن المجرم هو الكيان الصهيوني.

التماهي في الكيان الصهيوني

إن المعطيات تقول إن عداء الولايات المتحدة للشعب الفلسطيني هو عداء مستمر ومتجدد دائما أسست له المسيحية الصهيونية الأمريكية وفق خرافات التوراة، قبل زرع الكيان عام 1948، ومن تجلياته الصارخة وعدوانيته الوقحة استخدام الفيتو أو التهديد باستخدامه لمنع منح فلسطين صفة الدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وها هو يتمظهر الآن في شكل مشاركة للكيان الصهيوني في الحرب على غزة، عبر تحريك قطعها البحرية نحو قطاع غزة لمشاركة الكيان الصهيوني حربه على أهل القطاع.

دعم الفاشية الصهيونية

إن استعداد واشنطن لهذه الحرب على غزة ، أعلنت عنه الولايات المتحدة الأميركية، يوم الأحد8 أكتوبر ،من أنها تعمل على تزويد الكيان بـمعدات وموارد إضافية، بينها ذخائر، فيما قررت تحريك حاملة طائرات أميركية إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، دعما لإسرائيل، بما في ذلك تعزيز أسراب الطائرات الأميركية المقاتلة التي تتواجد في المنتشرة في المنطقة العربية.

وجاء في بيان صدر عن الرئاسة الأميركية، في أعقاب مكالمة هاتفية بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، والرئيس الأميركي، بايدن، أن الرئيس أمر بدعم إضافي لإسرائيل في مواجهة الهجوم الإرهابي غير المسبوق لحماس، كما أفاد البيت الأبيض بأن بايدن أبلغ نتنياهو أن مساعدة عسكرية أميركية إضافية في طريقهاإلى إسرائيل.

كيسنجر يعترف..

ويمكن القول إن هذا العداء هو سلوك أصيل في العقل السياسي الأمريكي لارتباطه بالمسيحية الصهيونية الأمريكية صاحبة النفوذ في أمريكا، التي ساهمت وعملت على زرع الكيان مند أن كان فكرة حتى تجسيده كواقع. ولم يكن لدى أغلبية الشعب الفلسطيني وقواه الحية في أي وقت وهم حول هذا العداء الذي له أسبابة الفكرية والسياسية.

لكن المشكلة هي في البعض من الفلسطينيين والعرب الذين قبلوا عن وعي أن يكونوا تابعين ، دون أن يتعلموا من التجارب ، وهو أن عداء أمريكا هو لكل العرب، وليس للفلسطينيين فقط، ويمكن هنا استحضار الدور الأمريكي الذي كشف عنه مؤخرا هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق خلال مقابلة مع صحيفة جيروزاليم بوستروى خلالها تفاصيل جديدة عن حرب أكتوبر عام 1973، وتحركات واشنطن لمنع نصر عربي على إسرائيل..

طوفان الفكرة والوعي

لكن ماذا ستفعل حاملة الطائرات الأمريكية وآلة الخرب الصهيونية في غزة، صحيح أنها تستطيع أن تدمر لكنها لن تستطيع هزيمة الفكرة وإرادة الحياة الحرة الكريمة لدي الفلسطيني، وأن إرادته وعزمه وتصميمه المستند إلى الحق، هو أقوى من حشدهم العسكري.. ونحن لا نشك ولو للحظة أن فكرة المقاومة ستنتصر على آلة الحرب الهمجية لأعداء الشعب الفلسطيني إن عاجلا أو أجلا .

________________

مواد ذات علاقة