بقلم مهاجر
شهدت منطقة وسط الجنوب الليبية تحركات عسكرية حثيثة من قبل قوات اللواء “خليفة حفتر“، وقوات تابعة لـ “البنيان المرصوص” المدعومة من قبل المجلس الرئاسي لـ“حكومة الوفاق“، فيما ينذر بأن يكون الجنوب بداية صدام عسكري جديد، بعد العاصمة طرابلس.
وأعلن المتحدث باسم قوات “حفتر“، بمؤتمر صحافي في وقت متأخر ليل الأربعاء، عن“استهداف رتل مسلح بالقرب من منطقة سوكنة القريبة من قاعدة الجفرة“، مبيناً أن “الطيران يحلق بشكل مستمر في سماء قاعدة الجفرة ووسط الجنوب، لاستهداف أي تحرك“.
وادعى المسماري مخفيا الحقيقة أن “غارات ليلة البارحة، استهدفت رتلا مسلحاً من القوات المتمردة التشادية (!؟!)، كانت تحاول الاقتراب من سوكنة“.
وجاءت هذه الغارات بعد يوم واحد من إعلان قيادة قوات “حفتر” سيطرتها على مقار الشرطة العسكرية بمنطقة هون بالجفرة، وبوابة قويرة المال جنوب سبها الثلاثاء الماضي، سبقتها غارات جوية على مقر كتيبة 19 / 9 بقاعدة الجفرة، الموالية للمجلس العسكري مصراتة والمنضوية تحت لواء “البنيان المرصوص” التي هزمت قوات داعش في سرت.
وأصدر المجلس الرئاسي لحكومة “الوفاق” بيانا رسميا أمس، استنكر فيه تصريحات رئيس الأركان المعين من البرلمان عبد الرزاق الناظوري، بشأن وجود تنظيم (داعش) في سرت.
وكان “الناظوري” وصف، في مقابلة مع تلفزيون محلي ليبي، معركة سرت بــ“الوهمية” معتبرا أنه “لا وجود لداعش في سرت“، وأعلن عن قرب معركة قوات البرلمان في الجفرة لتحريرها ثم تحرير طرابلس“.
ووصف بيان المجلس الرئاسي تصريحات الناظوري بـ“التطاول على تضحيات الشهداء واستهزاء بالشهداء الأبرار” واعتبر تصريحات الناظوري “الحماقة“، وزاد على ذلك بالقول “هذا تجاوز مرفوض، خصوصا بعد تكرار الحديث عن تحرير طرابلس” مضيفا “يبدو من تكرار هذا الكلام أنه يستلزم التحذير“.
وذكر البيان “نقولها بوضوح، بأننا لن نسمح أبدا بتهديد العاصمة، وسنكون بالمرصاد لأي محاولة تستهدفها“.
وكان المجلس العسكري بمصراتة استنكر القصف الجوي الذي تعرض له معسكر الشرطة العسكرية بالجفرة، معلنا أنه أسفر عن مقتل مدني وإصابة اثنين من أفراد كتيبة 19 / 9 ومقتل وتدمير آليات تابعة لهذه الكتيبة.
ووصف المجلس، في بيان رسمي له الثلاثاء، القصف الجوي بــ“العمل الاجرامي” متوعدا بــ“برد قاس في زمانه ومكانه“، مؤكدا أن “الكتيبة 19 /9 هي إحدى مكونات عملية البنيان المرصوص الي كانت تقاتل داعش في سرت“.
وتتقاسم القوات الموالية للمجلس الرئاسي وقوات حفتر مناطق هامة بالجنوب الليبي التي يبدو أنها ستتحول إلى مواقع تنافس للسيطرة عليها، من بينها قاعدة الجفرة الأهم عسكريا بالجنوب الليبي وقاعدة تمنهنت، وهما تحت سيطرة قوات أغلبها ينحدر من مصراتة، الموالية للمجلس الرئاسي، وقاعدة براك الجوية، التي سيطرت عليها قوات حفتر مؤخرا بقيادة العقيد محمد بن نائل وهو أحد مجرمي القذافي الذي أشرف على تفجيرات في تونس الشقيقة في عهد الحبيب بورقيبة، ووقع في أيدي ثوار 17 فبراير واعتقل في مصراتة، ولكن بعد أطلاق سراحه من قبل ثوار فبراير عاد إلى الجنوب بأجندة الثورة المضادة التي يقودها رموز النظام المجرمين المقيمين في مصر بالتعاون مع المخابرات المصرية الذين يخططون لعودة الإستبداد والدكتاتورية تحت مسمى “الجماهيرية الثانية” وقد انظم بن نايل إلى أزلام الطاغية في الجنوب من القبائل الموالية للنظام السابق، كقبائل التبو والمقارحة والقذاذفة.
وتثير هذه الأحداث عدة تساؤلات حول جدية استعداد القوتين، للدخول في مواجهات عسكرية قد تشهدها المنطقة خلال الفترة القادمة، وحول ما إذا كانت رغبة “حفتر” في السيطرة على قاعدة الجفرة الأهم عسكريا واستراتيجيا شرارة فتيل الصدام المتوقع بين الطرفين، خصوصاً أن هذا الحراك العسكري جاء بعد ساعات من إعلان الناظوري أداة حفتر، خلال مقابلة في تلفزيونية أنه يمتلك خطة عسكرية للاتجاه غربا تبدأ بالسيطرة على “الجفرة” ثم “طرابلس.
والحقيقة أن حفتر يدرك تماما بأن هذه الخطة هي بمثابة العملية الانتحارية البائسة ولا شك أن نتائجها ستكون كارثية عليه وعلى قواته وسيكون الخاسر الأكبر الشعب الليبي المسكين.
__________