أمراء الحرب في ليبيا واليمن يتحولون إلى قادة دول

أكدت مجلة إيطالية أنه رغم البعد الجغرافي، إلا أن بنية المليشيات المسلحة في ليبيا تتشابه مع نظيرتها في اليمن، فكلتاهما تسيطر على السلطة بقوة السلاح بفضل تربحهما من موارد النفط والغاز.

وأوضحت مجلة فورميكينقلا عن دراسة حديثة لـالمعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، أن قادة مليشيات ليبيا واليمن تحولوا خلال السنوات الأخيرةمن أمراء حرب إلى أمراء دول“.

نهب علني

وقالت المجلة الإيطالية إن المليشيات في ليبيا واليمن باتت جهات فاعلة ذات طبيعة حكومية منغمسة في السلطة وتستغل الموارد، خاصة الطاقة، لتحصيل مزيد من القوة.

وأوضحت أنه في هذه الدراسة التي حملت عنوان من أمراء الحرب إلى أمراء الدول: الجماعات المسلحة ومسارات القوة في ليبيا واليمن، جرت مقارنة بين الأنشطة التي تقوم بها الجماعات المسلحة في البلدين.

ولفتت إلى أن الأمر يتعلق بملفين مختلفين على ما يبدو إلا أنهما جزء من مصالح السياسة الخارجية الإيطالية، ولا سيما أن ليبيا تطل على وسط البحر المتوسط، فيما يطل اليمن على القرن الإفريقي و يمثل جزءا من الإسقاط في البحر المتوسط الموسع.

ويتسم الوضع في البلدين بمؤسسات ضعيفة ومتنازع عليها، حيث أدخلت المليشيات تدريجيا إستراتيجياتها للبقاء والربح والحوكمة تحت مظلة الدولة وبذلك أضحى أمراء الحرب أمراء الدولة الجدد.

وتسيطر الجماعات المسلحة على معظم عائدات الطاقة والبنية التحتية الحيوية وكذلك أنشطة التهريب والاتجار غير المشروع، بينما تتعد أدوار زعمائها بين القيادة العسكرية وزعامة القبائل، فهم سياسيون ورجال أعمال في نفس الوقت.

وسلطت الدراسة الضوء خصيصا على الجانب الاقتصادي للجماعات المسلحة ومسارات نفوذها

وحاولت الإجابة على أسئلة مثل كيف تبني الجماعات المسلحة شبكات الربح والولاء في المناطق التي تحتلها؟

وكيف تشكّل الزبونية القائمة على المحسوبية اتجاها نحو الاستمرارية مع الأنظمة الاستبدادية السابقة؟

ولفتت المجلة إلى أن الجماعات المسلحة قامت ببناء آليات المحسوبية على المستوى المحلي، كما فعلت الأنظمة القديمة على المستوى الوطني.

فأمراء الحرب المعاصرون في ليبيا واليمن هم رعاة وعملاء على حد سواء، رعاة للسكان المحليين للأراضي الخاضعة للسيطرة، والذين يقومون بتخصيص الدخل والتراخيص والوظائف لهم بشكل تعسفي.

وعملاء لسلطات حكومية خارجية يعتمدون عليها مع بعض الفروق الدقيقة، للحصول على الدعم المالي والعسكري والتدريبي

البحث عن شرعية

وغالبا ما يعتمد أمراء الحرب على قدر أكبر من الشرعية السياسية، وهذا يأتي من اعتراف المؤسسات الشرعية من أعلى وأصحاب المصلحة الدوليين، ومن النفوذ المتزايد على المستوى المجتمعي وفي البيروقراطيات التعليمية والدينية.

وطالما أن القادة المسلحين يحتكرون العلاقات الاقتصادية في كلا السياقين، يظل تخيّل تحوّل فعال من الصراع إلى اقتصاد ما بعد الحرب ببساطة غير واقعي.

فعلى سبيل المثال في ليبيا، منذ عام 2011، لا تعد معظم الجماعات المسلحة الدولة كمجموعة من المؤسسات التي يجب خدمتها أو عصيانها، بل بالأحرى، غنيمة يجب نهبها.

كما تآكلت المؤسسات الرسمية، خاصة تلك المتعلقة بالطاقة، تدريجيا بسبب ابتزاز الجماعات المسلحة التي تلعب دور أمراء حكومات الظل“.

وعمليات الإغلاق التي تفرضها بعض المليشيات في ليبيا غلى أنشطة حقول الطاقة والبنى التحتية تحولت إلى أداة رئيسة للابتزاز ضد المؤسسات والخصوم الداخليين والأطراف الخارجية المهتمة، فضلا عن ورقة مساومة للنفاذ السياسي إلى الدولة.

وفي اليمن، يعتمد الاقتصاد الرسمي وغير الرسمي بشكل كبير على صادرات النفط الخام، لهذا السبب، تتدافع النخب القديمة وسلطات الأمر الواقع والجماعات المسلحة الإجرامية للسيطرة على احتياطيات النفط والهيمنة على القطاع.

ووتيرة التسابق الداخلي للسيطرة على موارد النفط ارتفعت على أثر حرب عام 2015 بعد تقدم الحوثيين، ما أدى إلى تآكل الحدود بين الجهات الرسمية وغير الرسمية.

هياكل الحوكمة

وأوضحت المجلة الإيطالية أن الصراع اليمني يتركز الآن على إنشاء قاعدة اقتصادية تسمح للجماعات المسلحة بدعم هياكل الحوكمة (لا العمليات العسكرية فقط) ومنع الأطراف الأخرى من القيام بذلك

ويتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في إضعاف هياكل الدولة وفي نفس الوقت تعزيز ديناميكيات الصراع الجديدة في المحافظات الغنية بالطاقة

وكذلك في ليبيا ما بعد القذافي، تحولت الجماعات المسلحة، بما في ذلك تلك التي تلعب دورا على طول الشريط الساحلي الأكثر نشاطا إلى جانب تلك التي تهيمن على السياق القبلي في الجنوبـ حيث يشكو إقليم فزان فوضى في حدوده مع منطقة الساحل الإفريقي، إلى نشاط المافيوزية، وفق تعبير فورميكي“.

وتوضح أن عناصر المليشيات تحولوا من شباب انتهازيين ومجرمين صغار إلى مجرمين ذوي ياقات بيضاء يحتفظون بالقدرة على تنفيذ أعمال عنف شديدة في الشارع.

وكان لهذا تأثير عميق على مجالات السياسة ذات الاهتمام الأوروبي، من إمدادات الطاقة إلى السيطرة على الهجرة غير النظامية.

وفي ليبيا، التركيز الضيق على السياسات الأمنية، بدلا من التطور والتحول السياسي الأوسع نطاقا، ساهم بشكل أكبر في تقوية الجماعات المسلحة، ما سمح بتأثير عكسي على المصالح الرئيسة لأوروبا وإيطاليا، أي الهجرة والطاقة.

بينما في اليمن، تخضع حوكمة الحدود البحرية للحكم المتعدد، إذ تسيطر الجماعات المسلحة، بدرجات متفاوتة من المعارضة أو التحالف مع الحكومة المعترف بها دوليا، على معظم سواحل البلاد والمدن الموانئ والجزر، وتستفيد من التعريفات والرسوم الجمركية وشبكات التهريب.

والقوة التي اكتسبتها بعض الجهات الفاعلة في السيطرة على السواحل اليمنية، زادت من قوتها ودورها في أنشطة التهريب.

____________

مواد ذات علاقة