حاوره شكري الميدي أجي

في الفترة الأخيرة شهد المجتمع التباوي، ظهور شبان تصدوا لمناقشة القضايا السياسية التي يتعرض لها المجتمع التباوي، سواء في ليبيا أو خارجها. أصوات شابة تسعى لبناء مستقبل مغاير، بوعي سياسي أكبر بعيداً عن فوضى الاعلام ومقص الرقيب نعرض رؤية ناشطين من التبو من خلال اجاباتهم على ذات الأسئلة.

الاستاذ بركة أحمد هو أحد كُتاب التبو الصاعدين، لديه وجهة نظر يحترمها قطاع كبير من شباب التبو، وهذه أجوبته على تساؤلاتنا

عرف نفسك من حيث اهتماماتك ؟

لم يكن اهتمامي يصب في شيء بقدر ما كنت عشوائي. كل ما كان يهمني هو متابعة أفلام هوليوود. ذلك لأني كنت أتلقى دروسا لتعلم اللغة الانجليزية من معلمين انجليز وشجعوني على مشاهدة الأفلام ثم لاحظت بأن ثقافة الغربية طفقت تؤثر في، حتى إني سمعت احدهم يقول عني في البيت هو ” كالنصراني ” لا يهتم بأحد .

وجدت نفسي أعيش في الفراغ، لم أكن من مهتمين بالرياضة سواء في الممارسة أو المشاهدة أحرجت حين سألني أحدهم عن اهتماماتي بعد أن وجدني غير مهتم بالرياضة. بعد بلوغي لسن العشرين وجدت نفسي اهتم بالسياسة، حتى أن استدعاني محاضر في مادة مبادئ علوم السياسية بعد أن تفحص إجاباتي لامتحان نصفي ، سألني عن تخصصي فأخبرته بأني سأصبح محاسباً، ابتسم ثم قال: ” في القسم استغربوا أعضاء هيئة التدريس بإجابتك على الأسئلة الغير المباشرة متعلقة بالسياسة ولكنك حيرتني بكونك لست متخصصا في علوم السياسية.

استغراب دكتور متخصص في علوم السياسية من إجابتي، كان دافع قوي بالنسبة لي . حتى انه معظم الذين أجالسهم منذ أكثر من سنة من الآن يتحدثون عن السياسة وصدف أن تغدو قراءتنا للمشاهد السياسية قريبة للصواب .

أواخر أكتوبر من عام 2011 طلب مني احد رفاقي في بلدتي ” تجرهي ” أن اكتب مقالا عن الثورة ودور البلدة كما طلب ذلك من معظم الشباب، ذلك لأنه كانت هناك صحيفة ستطبع تلك المقالات .

لم أكن أجيد التعبير، أتذكر إني كنت اعبر عن فصل الربيع والأم … الخ في المدرسة . لم يسبق لي وان كتبت عن حدث ما، قليل من أصدقائي تعرفت عليهم في محادثات الإلكترونية اخبروني عن أسلوب كتابتي المميز في المحادثة، لم يكن ذلك مشجعا .

كتبت المقالة وأعطيتها لرفيقي، أخذها لشاب خريج كلية الإعلام، استغرب من إني كتبت ذلك واخبر رفيقي ليخبرني انه عليا أن استمر في الكتابة، صديقي نسي أن يخبرني ذلك إلا بعد قرابة عام . فرحت بعد أن اخبرني، بدأت اشك في أن يكون كلام أصدقائي في الدردشة ممكنا أسلوبي في الكتابة قد يصبح جيدا إن استمررت فيها .

ليست لدي أي اهتمامات أخرى عدا متابعة أخبار السياسية واستمرار في كتابة عن أي شيء يخطر في بالي _ دون أن اهتم بالقراءة للأسف .

أشياء ترى بأنها مهمة بالنسبة للتبو مستقبليا ، وإن عليهم الاهتمام بها أكثر مما يفعلون ؟؟

هناك أشياء عديدة كان على التبو الاهتمام بها، كالاندماج في مجتمعهم وتجنب العزلة، الاهتمام بالتعليم. وغيرها من الأمور. معضلة التبو ليست بكونهم أقلية عرقية أو أناس لهم بشرة سوداء أو غيرها معضلتهم الحقيقية هي غموضهم _ لا تربطهم علاقات ودية مع جيرانهم من قبائل العربية لاحظت مدى تكييف كلا طرفين مع هذه الحالة، هناك معتقد سائد بين التبو، الصديق غير تباوي لا يصلح أن يكون صديقا، لا يثقون إلا في بني جلدتهم، هذه المعتقدات السائدة هي التي تقف عائقا أمام أي ايجابية يمكن أن تجتاح بيئتهم القبلية، الجميع يرفض على أن يكون هناك انسجاما بالتعددية العرقية والثقافية في المستقبل بإيمانهم بمثل تلك المعتقدات السلبية.

الأمر الآخر كان على التبو أن يهتموا به هو قبول فئة الشبابية، فهم غير مقبولين بتاتا كما نرى اليوم حق تقرير المصير متروك للحكماء وحدهم أي الكبار في السن، ظنا منهم انه بالحكمة سيسيرون الأمور، نسوا انه هناك معايير أخرى تجعل من الفرد صانعا للقرار، واقع عشته في الأشهر ماضية بعد أن حضرت لعدة جلسات للتبو، المتعلم والجاهل والمتعلم المثقف والغير المثقف والخريج والخبير يجلسون معا في جلسة تشاورية باختلاف أعمارهم ومستوياتهم العلمية وقدراتهم الذهنية والفكرية، في النهاية يصطدم نقاشهم على الحائط ليغدو جدالا. الشباب الذين يتعلمون لا يهيئون أنفسهم ليصبحوا صناع القرار، كما إن حق صنع القرار وتقرير المصير مكفول للبعض كما انه أيضا موروث .

التاريخ التباوي مهمل ولغته مهملة، كنت حاضراً هناك حين كان احد شباب المهتمين بحقوق الدستورية للتبو يلقي كلمته مخاطبا لبعض شباب ونخبة المتعلمة من التبو يخبرهم ” انه علينا أن ندستر لغتنا التباوية لأنها هويتنا وعلينا أن نتمسك بها، الغريب انه كان يتحدث بالعربية في حين أنه جميع من كانوا الحضور هناك من التبو. التبو حتى هذه اللحظة غير مؤمنين بتلك الحقوق، في الوقت الذي يسعى فيه الكثيرون في جني ثمار تاريخهم المحرف.

ما على التبو إلا أن ينقذوا الجيل الجديد وأن يمهدوا لهم المناخ مناسب لتكييف في مجتمعهم وان نكف عن التفكير نيابة عنهم وان نحرص على أن لا نورث الأفكار والمعتقدات التي سادت في أذهاننا نتيجة لصراعات التي خضنا فيها .

علاقة الحكومات الليبية بالتبو ؟

علاقة الحكومات الليبية بالتبو مبنية على انعدام الثقة، اعتقد إن ذلك انتهاجا لسياسة نظام السابق الذي لم ينل ثقة التبو طوال أربعة عقود التي حكمها كما انه لم يثق في التبو يوما، التبو في نظر السياسيين مجرد انفصاليون. نستنتج ذلك بعد مماطلة الحكومات لدعم التبو رغم الدور الذي كانوا يقومون به لحماية الحدود والمنشآت الحيوية كالحقول الزراعية والنفطية في جنوب الشرقي والغربي، قد يكون ذلك بسبب إن الذين يمارسون السياسة ليسوا من قراء التاريخ، رغم ذلك نجد مواقف عدة قدموا فيها التبو تنازلات بعد كسبهم ميدانيا، كونهم أولى القبائل التي تتعرض للقصف لأسباب عنصرية، وتنازلهم عن قضيتهم حين تعرضوا لمحاولة تطهير العرقي، وهم أول من قبلوا بالمصالحة ذلك حين تصالحوا مع قبيلة أولاد السليمان. كل هذه التنازلات تقودنا إلى شيء واحد ألا وهي رغبة التبو في الاستقرار وتمسكهم بوحدة البلاد.

سياسة الحكومات الليبية مع التبو لا تخدم مصلحة الوطن ولا مصلحة التبو نفسهم. لطالما سعى أعيان التبو لتحسين صورتهم السياسية بتقديمهم للتنازلات دون مقابل وناهيك عن التضحيات، مع ذلك لم يجنوا ثمار تضحياتهم.

كما إنها سياسة تنتهجها الحكومات الليبية في تعاملها مع التبو، لا أدري إن جاء ذلك من باب المصادفة أو انه كان مخطط ومدروسا، الحكومات ترى أنها كسبت مرضاة التبو حينما تمنح لهم منصب وكيلا للوزارة من بين ما يقارب عشرين حقيبة وزارية، وإنها تحمل ذلك المسكين العبء كله فيعتبر هو لوحده مسؤول عن كل أفعال الحكومة أمام التبو. الحكومات تتعامل فقط مع من يتفق معها من شخصيات لهم ثقل اجتماعي وسياسي وسط التبو .

_______________

مدونة شكري الميدي أجي

مواد ذات علاقة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *