نقطة فاصلة بالحرب الليبية

ما هي أهمية المناطق التي حررتها حكومة الوفاق من سيطرة قوات حفتر، وكيف سينعكس تحرير مدن الغرب الليبي على شكل المعارك خلال الفترة القادمة؟

قال رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري إن حكومة الوفاق سيطرت على مسافة 500 كلم على طول البحر، وإنها “ماضية لتحرير بقية المدن كمدينة ترهونة”.

وتقع هذه المناطق على الطريق الساحلي الذي يربط العاصمة الليبية طرابلس بالحدود التونسية، لتكون بذلك قوات حكومة الوفاق المعترف بها دولياً قد سيطرت على كامل الشريط الساحلي الغربي الممتد إلى غاية الحدود مع تونس.

أهم المناطق التي حررتها قوات حكومة الوفاق

وتمكنت الحكومة المعترف بها دولياً، من تحرير 6 مدن ومنطقتين استراتيجيتين، في 7 ساعات فقط، من ميليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، تتمثل في:

صرمان: مدينة استراتيجية تقع على الطريق الساحلي الذي يربط العاصمة الليبية طرابلس بالحدود التونسية، وعدد سكانها يقدر بنحو 40 ألف نسمة، وتكمن أهميتها الاستراتيجية، في أنها كانت تقع في خط المواجهة بين ميليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وقوات الوفاق في مدينة الزاوية (50 كلم غرب طرابلس) بينما لا يفصل صرمان عن العاصمة سوى 60 كلم، وبسقوطها تهاوت بقية مدن غرب طرابلس.

صبراتة: مدينة تبعد عن طرابلس بنحو 70 كلم، ويبلغ عدد سكانها حوالي 110 آلاف نسمة، وتعد من بين أكبر مدن غرب العاصمة من حيث عدد السكان، وتقع أيضاً على الطريق الساحلي الحيوي بالنسبة للتبادل التجاري وحركة المسافرين إلى تونس أو الخارج، حاول تنظيم “داعش” الإرهابي أن يتخذها قاعدة خلفية للتدريب، لكن تم القضاء عليه في 2017، شكلت إحدى المدن الرئيسية التي منعت قوات حفتر ما بين 2014 و2016 من دخول طرابلس، لكنها في 2019 فتحت أبوابها لميليشياته قبل استعادتها بعد عام.

العجيلات: مدينة تبعد 80 كلم عن طرابلس، ويقطنها نحو 110 آلاف نسمة، ورغم أنها لا تقع على الطريق الساحلي، إلا أنه لا يبعد عنها سوى بضعة كيلومترات، كانت إحدى المعاقل الرئيسية لميليشيات حفتر، التي سعت لقطع الطريق الساحلي ودخول طرابلس من الغرب، لكن بعد انحياز أسامة الجويلي، قائد المجلس العسكري للزنتان (170 كلم جنوب طرابلس) إلى حكومة الوفاق أصبحت العجيلات من المدن المتأرجة، وإن مالت كفة حفتر بها في غالب الأحيان.

 الجمَيَّل: مدينة يبلغ عدد سكانها نحو 100 ألف نسمة، وتبعد عن طرابلس 100 كلم، تقطنها قبائل عربية، وتمثل حاجزاً بشرياً وجغرافياً بين أمازيغ زوارة بالساحل وأمازيغ الجبل، عسكرياً كانت غالباً محسوبة على حفتر، وإن كان للجويلي، قائد المنطقة الغربية لقوات الوفاق، بعض النفوذ في هذه المناطق، وتتبع قاعدة الوطية الجوية (140 كلم جنوب غرب طرابلس) إدارياً لها.

 رقدالين: يبلغ عدد سكانها نحو 36 ألف نسمة، وتبعد عن طرابلس 120 كلم، ولا يفصلها عن ساحل زوارة سوى 10 كلم، وتشبه في تركيبتها البشرية والسياسية مدينة الجميل، حيث كانت محسوبة على القبائل العربية الداعمة لحفتر، رغم وجود مراكز نفوذ لقوات الجويلي، وأعاد حفتر السيطرة عليها في 25 مارس/آذار الماضي.

 زلطن: مدينة صغيرة، لا يتجاوز عدد سكانها 25 ألف نسمة، وهي آخر مدينة على الطريق الساحلي غير بعيد عن الحدود التونسية، حيث تبعد عن طرابلس 130 كلم، من المدن الداعمة لحكومة الوفاق، لكن ميليشيات حفتر سيطرت عليها في 25 مارس/آذار الماضي، بعد اقتحام قوات الوفاق لقاعدة الوطية الجوية، وأسرها 27 عنصراً.

 العسة: منطقة قريبة من الحدود التونسية، وتقع جنوب معبر راس جدير مع تونس، وتتبع مدينة رقدالين إدارياً، أهميتها الاستراتيجية تكمن في وجود معسكر لحرس الحدود، مكلف بمراقبة عمليات التهريب، وأيضاً تحركات الإرهابيين عبر الحدود مع تونس، ومنذ 2014 تبادلت عدة أطراف السيطرة عليه لأهميته الاستراتيجية، لكن في 25 مارس/آذار اقتحمت ميليشيات حفتر المعسكر بعد اشتباكات مع قوات الوفاق، نظراً لقربه من قاعدة الوطية الجوية، المعقل الرئيسي لميليشيات حفتر في غرب البلاد، في إطار هجوم انتقامي شمل عدة مدن في الغرب الليبي.

مليتة: منطقة فلاحية قليلة السكان، تتبع إدارياً مدينة العجيلات، لكنها اكتسبت أهمية استراتيجية بعدما تم فتح ميناء نفطي بها ومجمع للغاز، وأنبوب غاز يربط ليبيا بإيطاليا، مما حولها إلى منطقة صناعية بامتياز، أما عسكرياً فأهميتها تكمن في وقوعها على الطريق الساحلي وتحيط بها ثلاث مدن قوية؛ صبراتة من الشرق، وزوارة من الغرب، والعجيلات من الجنوب، وبها حاجز عسكري دائم على الطريق، ولطالما كانت نقطة صراع وصدام بين حفتر وخصومه رغم أنها غالباً ما كانت خارج سيطرته إلا بعد دخوله صبراتة.

الدور على الجنوب

كيف سينعكس تحرير مدن الغرب الليبي على شكل المعارك خلال الفترة القادمة؟

وتأتي أهمية مناطق صرمان وصبراتة وصولاً إلى زلطن والجميل ورقدالين في كونها مدناً استراتيجية على الساحل الليبي لقربها من العاصمة طرابلس، حسبما قال الخبير العسكري عادل عبدالكافي لموقع “الجزيرة“.

إضافة إلى أن حفتر كان يستخدم هذه المدن رأس حربة للهجوم على طرابلس مطلع أبريل/نيسان من العام الماضي، كما اتخذ قاعدة “الوطية” الجوية قاعدة خلفية لحماية قواته.

واعتبر أن حفتر سيطر على بعض هذه المدن من خلال ولاء عناصر من التيار المدخلي له في ظل وجود المرتزقة والميليشيات، مشيراً إلى أن حفتر تلقى صفعة موجعة بخسارة هذه المدن الاستراتيجية.

ورأى أنه “الآن من المهم أن تسقط قوات حكومة الوفاق الوطني مدينة ترهونة، وتحيّد قاعدة الجفرة العسكرية لتعزيز محاصرة حفتر في شرقي ليبيا”.

وأشار الخبير العسكري إلى أن سقوط مدن كان حفتر يسيطر عليها، يثبت فشل حملته العسكرية بعد عام كامل من الحرب التي حاول من خلالها السيطرة على العاصمة طرابلس.

وقال آمر اللواء الأول مشاة بحكومة الوفاق الوطني، مقدم مصطفى المجدوب، لـ “عربي بوست” إنه أصبح بالإمكان الآن حشد كل القوات الموجودة من قوات الجيش الليبي من زوارة والزاوية والعجيلات وصبراته والزنتان وغريان وككلة ونالوت وغيرها وتوجيهها نحو قاعدة الوطية ثاني أكبر معاقل حفتر بالمنطقة الغربيةثم نحو محاور طرابلس مع ترك بعض القوات للحفاظ على إنجازات تحرير هذه المدن.

من جانبه، قال رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري في مقابلة مع الجزيرة، إن هذا التطور الميداني يعطي أهمية في رسم الخريطة الجيوسياسية بليبيا، معتبراً أن “الخطوة التي تحققت اليوم تمهد الطريق لتحرير مناطق الجنوب بالكامل، وستغير نظرة الدول الغربية في تعاملها مع حفتر”.

___________

مواد ذات علاقة