انطلق في العاصمة السويسرية جنيف، اليوم الثلاثاء، الاجتماع الحاسم بين رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري لمناقشة النقاط الخلافية العالقة بعد اجتماعات القاهرة بين وفدي المجلسين، وسط شكوك في تحقيق أي تقدم أو اختراق.

وانطلق اللقاء المباشر بين صالح والمشري بحضور مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون ليبيا ستيفاني وليامز التي تعلق عليه آمالا عريضة للتوصل إلى حل بشأن النقاط الخلافية حول الانتخابات العامة في ليبيا.

ويأتي الاجتماع بعد فشل اجتماعات المسار الدستوري بين وفدي البرلمان ومجلس الدولة في العاصمة المصرية القاهرة في وقت سابق من هذا الشهر، بعد خلافات حول شروط الترشح لرئاسة ليبيا وغيرها من النقاط.

فرصة للتقارب

ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن رئيس المركز الإعلامي لرئيس البرلمان عبد الحميد الصافي، أن عقيلة صالح أكد ”أن لقاء جنيف، فرصة لتقريب وجهات النظر بين أعضاء اللجنة المكلفة بالقاعدة الدستورية، وذلك للوصول إلى دستور يكون له الكلمة العليا في ليبيا“.

وقال الصافي، إن البرلمان يسعى لمصالحة تستهدف تغليب العقل ومحاصرة الأهواء وفرض السلم الاجتماعي والحوار ومصالحة تبنى على مرتكزات قوية ودائمة تعمق روح الحوار بين كل المكونات فهي شرط من شروط الاستقرار وأساس التوافق وإعادة البناء وحل مشاكل المهجرين والنازحين والفارين من الفوضى.

وأشار الصافي إلى أن ”رئيس البرلمان أكد حرصه التام بأن يختار الشعب الليبي حكامه دون تدخل أجنبي بانتخابات نزيهة وشفافة، للخروج من المرحلة الانتقالية حتى لا يكون هناك فراغ تستغله التنظيمات الإرهابية التي تستغل مساحة الحرية والفراغ السياسي“.

مخالفة للشرعية

وشكك النائب في البرلمان الليبي محمد العباني في قدرة الطرفين على حلحلة الخلافات قائلا، إن هذا اللقاء كغيره من اللقاءات السابقة لن يضيف أي شيء.

وقال العباني لـ ”إرم نيوز“: ”حتى بافتراض أن الطرفين توصلا إلى اتفاق، وهذا بعيد المنال، فالمجلسان لا يملكان الشرعية الدستورية لتمريره“.

وأضاف العباني: ”الجهة المختصة بمشروع الدستور، هي الهيئة المُنتخبة لهذا الغرض، والشعب هو من يصدر الدستور بعد الاستفتاء عليه بنعم، وفي حالة عدم حصوله على النسبة المطلوبة لإصداره، يعاد لهيئة صياغة الدستور لتعديله، وما سوى ذلك فإنه اعتداء على اختصاص جسم شرعي، ومنع للشعب مصدر الشرعية في استخدام حقه في الاستفتاء على دستوره“.

واعتبر العباني، أن ”ما قامت به اللجنة المنبثقة عن التعديل الدستوري الثاني عشر، وما سينتج عن اجتماع عقيلة المشري، مخالف للشرعية المحددة في الإعلان الدستوري، وخاصة إذ ما أخذنا بعين الاعتبار أن السيد المشري يرأس كيانا لا شرعية له“.

إمكانية التوصل للحلول

لكن عضو المجلس الأعلى للدولة عبد القادر حويلي الذي شارك في اجتماعات القاهرة اعتبر أنه لا يمكن الحكم على نجاح اللقاء من عدمه كون الظروف التي ستحيط به غير معروفة.

وقال حويلي، في تصريحات أدلى بها لـ ”إرم نيوز“: ”في حال تم إعلاء مصلحة الوطن فإنه يمكن أن يتوصل الطرفان إلى حلول“.

وانهارت الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر 2021 بعد خلافات حول قوانين الانتخابات التي أصدرها البرلمان الليبي ما شكل انتكاسة كبيرة للمسار الذي تدعمه الأمم المتحدة، لاسيما أن هذا الانهيار أعقبته خطوات شملت تشكيل حكومة جديدة لخلافة حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة ما جعل ليبيا تدخل أزمة سياسية جديدة بعد رفض الدبيبة تسليم الحكم.

وكان الدبيبة قد تعهد بإجراء انتخابات نيابية في يونيو/حزيران الجاري، دون أن ينجح في ذلك، خاصة وأنه لا يسيطر إلا على العاصمة طرابلس وأجزاء قليلة من المنطقة الغربية.

تقاطع المصالح 

من جانبه، قال الباحث الدستوري والسياسي الليبي محمد محفوظ: ”فرص نجاح اللقاء تعتمد على وجود دعم أو ضغط دولي على الرجلين لإنهاء هذه المسألة“.

وأضاف محفوظ في تصريحات لـ ”إرم نيوز“:  ”هذا الأمر مستبعد تماما باعتبار أن المصالح الدولية متقاطعة، وهناك حالة من الاستقطاب السياسي الواسعة جدا بدت واضحة من كلام أعضاء مجلس الأمن في جلستهم مساء أمس حول ليبيا“.

وتابع محفوظ: ”حتى في المعسكر الغربي لم نلاحظ اتفاقا يذكر حول ليبيا، لذلك أعتقد أن يستمرّ الوضع على ما هو عليه“.

وحول الخيارات التي تملكها وليامز ومن خلفها الأمم المتحدة في حال فشل اجتماع جنيف بين صالح والمشري، قال محفوظ إنّ ”الأمم المتحدة لا تملك للأسف الشديد أي خيارات، وحتى حديث ستيفاني عن خيارات في وقت سابق لا يملك أدوات حقيقية وهي ستغادر مهمتها نهاية الشهر وفق ما أكدته لي شخصيا“.

وأضاف: “ لا يوجد توافق حقيقي حول تعيين مبعوث أممي جديد في انتظار شهر تموز/يوليو المقبل لعقد جلسة في مجلس الأمن حول ذلك، لذلك فإنّ المشهد مقبل على انسداد لم تشهده ليبيا إطلاقا“ بحسب تعبيره.

____________

مواد ذات علاقة