د. عبد المنصف البوري

لعل الحديث عن الشرعية الدستورية يُعد ضماناً لوحدة الشعب الليبي والأمن والاستقرار ومن الضروري بعد مضي أكثر من 11 عام بعد ثورة فبراير في2011 لأن نعيد النظر والبحث في الاختيار أو البديل الأفضل.

وبعد حدوث الكثير من الخلافات والاختلافات والانشقاقات والانقسامات بين أطراف من الشعب الليبي، وبعد الصراعات المسلحة فضلاً عن التدخلات الإقليمية والأجنبية في الشأن الليبي التي عرقلت إعادة بناء الدولة الليبية، قد يستلزم الأمر الحديث عن خيارات أخرى بديلة لما حدث ومازال يحدث حتى الآن بدءً من تحديد العلاقة بين من يريد أن يحكم وبين الشعب الليبي.

يشكّل مصطلح العودة للشرعية الدستورية أساس مهم في هذا الأمر للحفاظ على الوحدة الوطنية والأمن والأمان والاستقرار وحفظ كيان الدولة الليبية وبعيداً عن مفهوم القوة والإكراه واغتصاب السلطة أو الانقلاب العسكري بل يقوم على التراضي والقبول .

إن المطالبة بالعودة إلى الشرعية الدستورية كان أول مبدأ ترسخ في بيان المعارضة الليبية التي اجتمعت اغلب فصائلها في مؤتمر لندن عام 2005، ولكن للأسف لم يأخذ هذا المبدأ ذلك الاهتمام ولا الأهمية ولا الوعي الكافي بأهميته وضرورته لا من المعارضة الليبية ولا ممن تولوا قيادة الاوضاع في اعقاب ثورة فبراير 2011 لكي يتم إعادة بناء الدولة بعد القضاء على الدكتاتور ونظامه.

ويتجسد مفهوم الشرعية الدستورية والمنظومة القانونية التي يرتكز عليها  الوضع السياسي القائم بالمشروعية أي الحصول ونيل المشروعية من خلال قبول ورضا الشعب لأنه يقوم على أسس دستورية وسند قانوني أو يتم الاستفتاء عليه من قبل جميع أفراد الشعب.

أن ما يحدث حتى الآن رغم كل القرارات الدولية ومبعوثيها ومحاولة الكثير من الدول الإقليمية والأجنبية التدخل في الشأن الليبي، فهي لا تعدو سوى مجرد محاولات فاشلة إلى حد كبير لإيجاد حلول للأوضاع الكارثية المأساوية التي دفع ومازال يدفع ثمنها الشعب الليبي المغلوب على أمره.

وفي هذا السياق يمكن القول أن بعض الأطراف عبارة عن سلطات غير مشروعة فرضت نفسها من خلال استخدام القوة والعنف والتدليس والادعاءات الكاذبة وابواق الإعلام الممولة من الخارج وهى فاقدة للإجماع الشعبي والوطني لكل الليبيين.

وبالنظر إلى تاريخ ليبيا في العهد الملكي نجد أن قيام الدولة الليبية كان على أسس دستورية مشروعة تمتع خلالها الشعب الليبي بأفضل فترة تجسدت فيها وحدة الشعب لسنوات طويلة نسبياً (18 عام) من الأمن والأمان والاستقرار والعمل لبناء الدولة من خلال أفضل واخلص واوفى أبنائها ورجالها ونسائها.

إن العودة إلى الشرعية الدستورية كما أسسها النظام الملكي ورجاله المخلصين مع وضع التعديلات اللازمة بما يقتضيه الحال الآن في القرن 21 قد تكون الحل والبلسم الشافي لاوجاع الليبيين ومعاناتهم الطويلة، وبعد كل ما حدث ويحدث من دمار وخراب وقتل وتشريد وتهجير واعتقالات وسجون وآلام ومعاناة معيشية وخدمية وإنسانية في ليبيا.

نحن نعلم أن التاريخ لايعيد نفسه ولكن الأسس الشرعية والدستورية لا تموت ولا تنتهي بل يمكن إعادتها من أجل تأسيس الحياة في ليبيا بما يضمن الوحدة الوطنية والأمن والأمان والاستقرار وبما يمكّن من إعادة بناء الدولة على أسس صحيحة ومن خلال مشروعية قائمة على قبول ورضا الشعب الليبي، وعبر فتح أبواب أمام شباب ورجال ونساء ليبيا الشرفاء والمخلصين الذين يحبون الوطن وخدمة شعبهم أكثر مما يحبون أنفسهم.

***********

دستور الاستقلال والاستقرار

د. محمد علي احداش

إن من يطالب بدستور جديد في الحال، إنما يطالب بإطالة المرحلة الانتقالية، وتأجيل ممارسة الحياة السياسية، وتعطيل التغيير والتنمية. ويعلم الجميع أن الصومال لم تخرج من المرحلة الانتقالية منذ سقوط سياد بري منذ أكثر من عشرين سنة!

وتظل ليبيا مفتوحة من غير استقرا، ويدخل البلد في متاهة وفوضى عارمة وصراع في ظل ظاهرة ليبيا انتشار السلاح والأطماع الدولية. إن عدم تبنّي دستور الاستقرار سيؤدي إلى فتح باب النقاش في مسائل عظيمة تتجاذبها الأفكار والأحزاب، ويؤدي ذلك إلى ضبابية رؤية المستقبل بسبب اختلاف القوى السياسية والفكرية في صياغته، ومن ثم إلى ضعف الدولة والنظام والأمن، ومخاطر التدخل الخارجي.

إن تفعيل دستور الاستقلال ضروري لإنجاح الثورة حيث لا يصاغ دستور أمة في مرحلة انتقالية. إن التمسك بدستور الاستقلال ضروري للخروج الآمن والسريع من الحالة الانتقالية إلى حالة الاستقرار.

وعليه ينبغي البدء في استئناف العمل بدستور الاستقلال لأن هذا هو البديهي، ففي أي ثورة تحدث تكون البداية في البحث عن استقرار الدولة. إن قبول دستور الاستقلال يحقق الاستقرار في وقت يحتاج الناس إلى الالتفات إلى العمل والتعليم والنتمية، وإزالة آثار انقلاب القذافي وتخليص البلاد منه.

إن ترتيب ليبيا في جميع المجالات متأخر جدا، وليس لديها وقت تضيعه بعد أن توقفت مسيرة التنمية أربعة عقود، وتحتاج إلى وقت آخر للشفاء والتعافى من آثارها.

قبول دستور الاستقلال يختصر كثيرا من الجهد والوقت حيث سيكون المشروع المعروض للناس مجموعة من التعديلات الضرورية والمبررة عمليا، لكن صياغة دستور كامل ليس لها ما يبررها ظرفا وتوقيتا.

هل يعلم الذين ينادون بصياغة دستور جديد أنهم يقفون مع القذافي؟

لعل الذين ينادون بصياغة دستور جديد لا يعلمون أنهم يقفون في صف واحد مع القذافي؟! إن صياغة دستور تعني الإعتراف الضمني بما فعله القذافي من انقلاب وإلغاء للدستور وتحقير للاستقلال. فالشعب انتفض ولم يجد إلا علم الاستقلال ونشيده فتمسك بهما، وإذا بحث الآن عن دستور فلن تسعفه الدساتير الحزبية، أما إذا تمسك بدستور الاستقلال فقد حافظ على استقلاله ووحدته.

فهل يقبل شعبنا بهذا الاعتراف بما فعله القذافي بعد أن تخلص من حكمه وبذل الغالي والنفيس في سبيل ذلك؟

إن ما فعله القذافي باطل، وكل ما بُني على باطل فهو باطل

فكيف نعطي شرعية لجرمية الانقلاب وإلغاء الدستور؟

قد يعذر الشعب الليبي على ما مضى بسبب القهر والإرهاب القذافي لكن ما عذره اليوم؟

إن الشعب الليبي على مفترق طرق.

___________

المصدر: صفحات التواصل الاجتماعي

مواد ذات علاقة